“أم أحمد”..السقطرية التي انتصرت على “سرطان الثدي” بعد نحو 20 عاماً من المعاناة

قشن برس – تقرير خاص

في إحدى بوادي أرخبيل “سقطرى” أخفت “أم أحمد” إصابتها بسرطان الثدي 18 عاماً حتى أقعدها على فراش المرض وهي تقترب من سن الخمسين.

كان الهدوء والوقار والنور ينبعث من جبين الأم المكافحة التي قاومت وباء خبيثا حوالي عقدين من الزمن، واستطاعت أن تنجو منه في اللحظات الأخيرة بعد أن خضعت للعلاج في أحد مستشفيات مدينة المكلا عاصمة محافظة “حضرموت” شرقي اليمن.

بدأت لحظات الإصابة الأولى بالمرض بعد ولادتها بابنها الأخير‘ الذي أصبح يبلغ من العمر 18 عاما، ولم تكن فترة الرضاعة لهذا المولود على ما يرام، حيث بدأت تعاني من الوجع بعد 30 يوما من ولادتها، هكذا تقول أم أحمد.

ظلت ترضع طفلها من ثدي واحد أكثر من عام ونصف دون أن تخبر أحدا عن معاناتها ومصابها ‘حتى زوجها الأقرب إلى قلبها.

كان ثديها المصاب يؤلمها في أغلب أوقاتها. وأوقات قليلة تستعيد عافيتها وتشعر بأنها تحسنت جراء وضع بعض أوراق الأعشاب المطحون على مكان الألم والمعروفة بقدرتها على تخدير الوجع أو تهدئته.

تسرد الأم الصابرة قصتها لـ “قشن برس” وكيف تحملت المرض 18 سنة دون أن يعرف أحد المعاناة التي ظلت تواجهها خلال تلك الأعوام.

كانت سنوات العمر تمر وأم أحمد لازالت تواجه المرض منفردة، فهي تنحدر من قرية نائية في الأرخبيل ولم تجد من قبل نصائح إرشادية أو توعية بخطورة إخفاء هذا المرض الخطير، بالإضافة إلى وجود ظاهرة الحياء والخجل وثقافة العيب وغيرها من العادات التي تكون المرأة أول ضحاياها.

تطورت معاناة “أم أحمد” عندما بدأت تشعر بورمه على هيئة “صنفور”، تحت ثديها .وكلما مرت الأيام تشعر بألم شديد في ذات المكان تكاد من شدة الوجع أن تصرخ بالبكاء.

وتتابع : “سارعت من جديد للتداوي بالأعشاب لعل وعسى أن تساعد في تخفيف آلامها لكن الورم في ثديها يكبر وقوة الوجع غيرت ملامحها، وكانت لا تنام والأنين يحاصر غرفتها الأمر الذي دفع أفراد العائلة لمعرفة معاناتها”.

في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وبينما كان أفراد العائلة يجلسون بجوارها‘ أخبرتهم الأم  عن وجعها ومعاناتها معه خلال كل تلك السنوات.

تضيف: “فتح أولادي على مكان الألم‘ واعتقدوا بأني مصابة بمرض بسيط ليس له علاقة بسرطان الثدي، لكنهم تفاجئوا عندما نظروا إلى الورم الموجود في الثدي وبدء الخوف ينال منهم وعيونهم تذرف الدموع.

تقول:”حاولت أن أخفف من شعور الخوف لديهم، وابتسمت لهم رغم وجعي وتحدثت لهم بأن المرض سينتهي عما قريب ولن أصاب منه بأي مكروه.

سارع الأب وأولادها لأخذها إلى مدينة حديبو عاصمة محافظة سقطرى ، وهناك تم عرضها على طبيبة أجنبية تعمل داخل المستشفى، لكن الطبيبة هي الأخرى تفاجئت بحالة الأم وبدأت ملامح وجهها تتغير وعاتبت الزوج وأولاده على الوضع الخطير الذي وصلت إليه وطلبت منهم تسفيرها بشكل عاجل.

توجه نجلها الكبير نحو مكتب الطيران لحجز تذاكر سفر للأم، وكان من حسن حظه أن الرحلة ستكون صباح اليوم التالي إلى محافظة حضرموت.

وقبل توجه “أم أحمد” إلى المطار أعطتها الطبيبة بعض المهدئات، واتجهت الأم برفقة أكبر أبنائها، وهناك أجريت لها الفحوصات لتؤكد أنها مصابة بمرض “سرطان الثدي”.

بدأ الولد حينها ترتيب سكن مناسب لأمه وطلب من أسرته إرسال شقيقته إلى مدينة المكلا في أقرب رحلة طيران، وكله أمل أن تنجح فترة العلاج في القضاء على الورم الخبيث المستوطن في ثدي أمه.

استغرقت فترة العلاج أكثر من عام ونصف والعائلة المتضررة واقعة ما بين الرجاء والخوف، لجأت العائلة إلى بيع ما تملك من مجوهرات وغيرها بعد أن استنزفت الأدوية التي تباع بأسعار باهظة مالدى الأسرة من أموال مدخرة.

وكانت الأم المتشبثة بالأمل تقاوم قوة الدواء وآلام السرطان بالصبر والشجاعة حتى تم استئصال مكان الورم في ثديها وبدأت حالتها تتماثل للشفاء.

وبعد أن تعافت عادت الأم إلى أرخبيل سقطرى تحمل معها راية النصر على المرض الفتاك، وعمت عائلتها الفرحة من جديد بعد أن واجهت كل أنواع المعاناة والأحزان خلال فترة تلقيها العلاج التي استمرت 18 شهرا.

اترك تعليقا