كيف يستخدم أبناء سقطرى جلود الحيوانات لحفظ التمور؟!

قشن برس- خاص

تزدهر محافظة أرخبيل سقطرى بزراعة التمور والعناية بها منذ أن تكون بذرة صغيرة حتى تنمو وتنتج الثمار وحتى يأتي موعد حصادها.

ويسمى موعد الجني في الأرخبيل بـ “موسم الخريف” أو “الخرف” نسبة إلى تخريف التمور وجنيها والاهتمام بها، ويبدأ هذا الموسم من منتصف شهر يونيو وحتى أواخر شهر يوليو من كل عام.

وينتشر النخيل في أغلب مناطق الأرخبيل، ويستحوذ الجانب الشرقي للأرخبيل على معظم التمور، يليه الجانب الجنوبي للجزيرة بينما يتواجد النخيل في الجانب الغربي من الجزيرة بمديرية قلنسية.

وتعد زراعة النخيل من المهن الأكثر إقبالاً في سقطرى، وبالإضافة إلى كونها تراثاً قديماً تتوارثه الأجيال، فإنها مصدر دخل وحيد ورئيسي للمئات من السكان.

ولأن الجزيرة تعاني من قلة الخدمات وعدم توفر الطاقة الكهربائية وثلاجات التخزين، يلجأ السكان لاستخدام طريقة قديمة تحفظ التمور لأكثر من سبع سنوات.

يقول الخبير في التراث السقطرى صالح الحجار، إن المجتمع في سقطرى ينفرد بعادات وتقاليد فريدة في حياته اليومية، توارثها جيلاً عن جيل.

ويفيد في تصريح لـ”قشن برس”، أن من تلك العادات القديمة والفريدة التي لازالت قائمة حتى اليوم طريقة حفظ التمور بجلود الحيوانات كالماعز، والضأن بعد دباغتها وتهيئتها وإعدادها جيداً.

وحول الطرق التي يتم بها معالجة التمور فيها حتى تكون جاهزة، يقول إن المزارع يبادر بتلقيح النخلة في بداية ظهور ثمرة التمر ثم ينتظر حتى تنتهي فترة التلقيح، وتدخل مرحلة الاعتناء بها حتى يتكون “الخلال” وبعد أن تدخل فترة تلون الخلال يستخدم المزارعون طريقة تقليدية في الحفاظ على التمور وهي ربط “العدوج” بجذع النخل بشكل دائري وتسمى هذه الطريقة بالسقطرية ( راشاء ).

يتابع: عندما ينضج التمر قليلاً يستخدم المزارعون طريقة أخرى تسمى (عيفين ) وتعني تغطية التمر بسعف النخيل حتى يأتي دور القصاص ويسمى (قاصي)، وفيه يجتمع الناس من كل القرى خاصة من لا يملكون مزارع  للمشاركة في الجني وحمله إلى المنازل من أجل الحصول على نصيبهم من التمر.

وتوضع التمور في أماكن خاصة بها داخل المنازل تسمى باللغة السقطرية (مسطح) وهناك يوضع فترة من الزمن حتى ينقى وينظف ويعتنى به حتى يكون جاهزاً للتخزين وللاستعمال.

وبعد نضوج الثمار يقول الحجار إن المزارعين في هذه المرحلة يقومون بجمعها إلى سفرة كبيرة معدة من سعف النخيل تسمى باللغة السقطرية (مركيت).

يتابع “الحجار” يدخل مجموعة من المزارعين إلى السلقة أو السفرة ويدعسون رطب التمر بأرجلهم بحركات نظامية تشبه الخطوات العسكرية حتى تختلط حبوب التمر ببعضها وتكون على شكل الحلوى.

وبعد أن يكمل المزارعون مرحلة دهس التمر وخلطه تبدأ مباشرة عملية التعبئة أو التخزين في قرب جلود الحيوانات، وبحسب الحجار فإن أبناء الأرخبيل يتفننون في ذباحة الأغنام من أجل إخراج جلودها سليمة، ومن ثم يُزال الشعر الموجود في الجلد ويصفى ويُصب فوقه الرماد ويُعلق فوق أحد الأخشاب حتى يأتي موعد استخدامه.

وعندما يحل موعد استخدامها يحضرون القرب بعد أن يغسلونها بالماء، ويشترك كل اثنين من الشباب في تعبئة قربة، الأول يقوم بجمع التمر من السلقة ويقوم بعملية الإدخال بينما يقوم الثاني بإدخال يده داخل القربة ويضغط على التمر حتى تمتلئ وتربط جيداً لمنع تسلل الهواء إلى داخلها.

ويشترط في طريقة التخزين هذه أن تكون القربة مملوءة بالتمر بشكل جيّد، وأن توضع بعيداً عن مياه الأمطار، مع الحفاظ على عدم دخول الهواء للقربة حتى لا يتعرض المخزون للتلف، كما يُطلى غلاف القربة الخارجي بالطين أو الرماد لمنع السوس والأرضة من النخر أو أكل التمر، ويجب على الشخص أن يتفقدها على أن تُقلب بعد بضعة أشهر على الجنب الآخر، وتغيير موضعها، وبذلك تمكث لأكثر من خمس سنوات دون أن يتلف المخزون.

اترك تعليقا