شجرة دم الأخوين: أسطورة عالمية تهددها تغيرات المناخ وحرب اليمن طويلة الأمد

قشن برس- جايسون روفن

غادرنا المخيم عند منتصف الليل واتبعنا طريقا متعرجا عند هضبة ديكسام، وتحت جنح الظلام والفروع المترامية الأطراف، مررنا بظل يشبه الصحن الطائر يحوم حول الجزيرة.

وصل علي بن آدم، المرشد السياحي الخاص بي وهو يحمل في جعبته كيسا من القات عرض عليا حفنة منه، كانت وجهتنا قرية ديكسام في قلب الجزيرة، ومركز التوزيع الوحيد في العالم لشجرة دم الاخوين.

قمنا بالاتجاه إلى هناك للتحدث مع الناس ومعرفة الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الشجرة المراوغة وسط مناخ متغير وعدم استقرار إقليمي.

تقع الجزيرة كالجوهرة بين خليج عدن والمحيط الهندي، شمال شرق القرن الأفريقي، في حين تم اعتبارها “غالا با غوس” المحيط الهندي، وإدراجها كموقع للتراث العالمي في عام 2008م.

يستوطن في الجزيرة عددا من أنواع الحيوانات النادرة كالطيور والزواحف والرخويات، وفي الواقع تم العثور على 37 بالمائة من الانواع النباتية التي تحتويها في أماكن أخرى في العالم والتي يبلغ عددها 825 نوع.

وتعتبر شجرة دم الاخوين الغطاء النباتي الوحيد الذي يبلغ ارتفاعها من خمسه إلى ستة أقدام عن سطح الأرض.

يحدث أهالي الجزيرة شقوقاً في ساق الشجرة لتسيل منها مادة لزجة حمراء اللون تترك حتى تجف ثم تجمع، من أجل استخدامها في الدواء والصباغة.

وتواجه الشجرة الفريدة تهديدات عديدة حيث أدى تجزئة الموائل ورعي المواشي، وتغيرات المناخ، الى تناقص أعدادها بشكل كبير في نطاقها الأصلي، ويحاول الباحثون المحليون مساعدتها للبقاء على قيد الحياة، ويمكن لهذه المحاولة ان تساعد في حماية الاشجار من الانقراض.

وبالإضافة الى تفردها بشكل خارجي التي تبدوا كمظلة ضخمة توفر الشجرة دم الأخوين الغذاء والمأوى لأكثر من إثني عشر نوع من الزواحف بما في ذلك سحالي الجيكو، ومن شان إنقاذ هذه الشجرة أن ينقذ الرموز الثقافية والمواطن المهمة لهذه الأنواع.

وقال لي صديق أقلني من المطار ان هذه الجزيرة تحتاج بعض من الوقت للتعود عليها، لكن الأمر أشبه بالجنة، وأضاف ونحن في طريقنا إلى حديبوا مررنا بـ البحيرات الفيروزية والتلال المغطاة بالورود الصحراوية، والنباتات غريبة المظهر التي تبدوا ملتويه ولديها جذع كالفيل وتاج من الزهور الوردية.

الرحلة إلى الجزيرة صعبه هناك فقط رحلتان تؤديان اليها إحداهما من مصر والأخرى من ابو ظبي وهو ما يتطلب إذن من الإمارات العربية المتحدة.

يتم تشغيل المطار الوحيد في الجزيرة من قبل دولة الإمارات وبالرغم من أن السعودية رعت اتفاقا بينها وبين الشرعية لتقليص قواتها في الجزيرة بعد التوترات التي حدثت بين الطرفين الا أن الوجود الإماراتي في الجزيرة لا يزال ملموس، وعند ما  مررت بالقرى والطرق وأضواء الشوارع التي تم سكها حديثًا، رأيت عشرات المركبات الموسومة بالإمارات العربية المتحدة في الطريق إلى مركز اللغة الإنجليزية.

وتهدد الاشتباكات بين المجلس الانتقالي الذي أعلن الحكم الذاتي في جنوب البلاد مؤخرا وبين الحكومة بقاء شجرة دم الأخوين.

وتضررت البنية التحتية للجزيرة بشكل كبير عندما ضرب الجزيرة إعصارين في غضون أسابيع وتركت غالبية سكانها البالغ عددهم عشرين ألف نازحين.

كما اقتلعت الأعاصير الكثير من أشجار دم الأخوين ويشير العدد من السكان إلى العواصف باعتبارها نقطة التحول الكبير في تغير المناخ بالجزيرة .

يقول سالم كيباني  وهو أحد سكان الجزيرة لم يعد المناخ كما كان من قبل ، ويمثل هو وعائلته جزء من الجهود التي تبذلها جامعة مندل في برنو، جمهورية التشيك، لدراسة الأشجار في محاولة لدرء تراجعها، بنيت قريته قبل حوالي 15 عاماً وهي الوحيدة على الهضبة المجهزة بالكهرباء.

الآن، تحرس القرية المدخل إلى آخر بساتين أشجار دم التنين المتبقية في العالم، كما يرعى  مشتلا من الشتلات  المزروعة لدراسة معدلات الوفيات  والنمو في الأشجار.

وأوضح الكيباني أن الشجرة تنمو ببطء شديد وتحدث عن نموها من ثلاثة إلى اربعه اقدام فوق سطح الارض خلال اربعة عشر عاما..

ووفقا لباحثين يمكن أن تستغرق الشتلات ما يصل إلى مائة عام حتى تنموا بشكل مرتفع وهذا يجعل شجرة دم الأخوين واحدة من أبطأ الاشجار نموا في العالم

وفي المناخ الجاف، تعتمد الأشجار في الغالب على الضباب وبضعة أيام من هطول الأمطار كل عام للرطوبة. وهذا يعني أن الشجرة معرضة لتقلبات هطول الأمطار، بالإضافة الى تعرضها خلال فترات طويلة للجفاف الذي تتخلله الأعاصير العنيفة.

يقول كيباني عندما كنت صغيرا كانت الامطار تأتي طوال العام لكن ذلك تغير الآن حيث يقتصر نزول الأمطار على موسمين.

ووفقا للأبحاث تحتل الاشجار حاليا خمسه بالمائة من نطاق مواطنها المقدرة.

وقالت هناء هابروفا المؤلفة المشاركة في إعداد صحيفة جامعة مندل أنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء ولم يأتي أي تدخل يتعلق بأنماط المعيشة التقليدية  للسكان المحليين فإن الأشجار سوف تنخفض إلى الصفر.

وكما يهتم كيباني بشجرة دم الأخوين يبقى السؤال قائما كيف يمكن المضي قدما في جزيرة تشهد تغيرات مستمرة، وأوضح كيباني انه من المؤكد أن كثيرا من التطوير ستشهده الجزيرة، لا سيما بعد عودة السياحة بعد انتهاء الحرب في اليمن.

المصدر: مجلة (Earthisland ) المتخصصة في الصحافة الاستقصائية حول القضايا البيئية التي من بيركلي، كاليفورنيا مقرا لها

 

 

 

اترك تعليقا