لا أنشطة ولا توعية..القات يتغلغل في أوساط شباب سقطرى ويقتل أوقاتهم

قشن برس – خاص

أخذت شجرة القات شهرة واسعة في اليمن، حتى ذكرها الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح، في مطلع قصيدة له قائلاً: أنا من بلاد (القات) مأساتي تضجُّ بها الحقَبْ، في رمزية لانتشار ظاهرة القات والتي فشلت الكثير من المحاولات في الحدّ من تعاطيه.

ورغم ألا قوانين تمنع تناول القات، باستثناء بعض الإجراءات المحدودة في بعض المحافظات بمنع دخوله، أو تحديد أسواق مخصصة له، إلا أن الدور المجتمعي يسعى جاهداً للتوعية بأضراره، من خلال مبادرات برزت على شكل فعاليات كـ”أعراس بلا قات”، وغيرها.

وفي سقطرى انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعاطي القات في أوساط الشباب، حتى أصبح الأمر مسلماً به، رغم أنها تعتبر عادة دخيلة على المجتمع السقطرى.

ويتعاطى غالبية السكان في اليمن القات، وتهدر تلك العادة أموالاً طائلة في ظل الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المواطن، كما أن القات يستنزف المياه، ويؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان، خاصة مع غياب الرقابة على المبيدات السامة المستخدمة لشجرة القات، خلال سنوات الحرب.

حافظ المواطنون في الأرخبيل لسنوات على عاداتهم بنبذ نبتة القات التي لم تستطع اختراق جدار عاداتهم التي تنظر لمضغ القات باعتباره عادة سيئة يرفضون انتشارها؛ لكن تلك النبتة بدأت تتسلل إلى منازلهم.

تنظر الكثير من الأسر في سقطرى إلى من يتعاطون القات بحالة من الصدمة، بعد أن بدأ ينتشر في أوساط الشباب، حيث تصنف تلك الأسر القات على أنه مادة مخدرة، ويُنبَذ متعاطوه من أهل الجزيرة، ورغم ذلك إلا أن الشباب أصبحوا يتعاطون القات علانية أمام أنظار المجتمع، بعد أن كانوا يتناولونه خلسة.

وفي هذا الشأن يتحدث لـ”قشن برس” عبدالرحمن البطريق أحد بائعي القات، قائلاً: أبيع القات منذ العام 2005، وكان كل من يأتي لشراء القات هم من المحافظات خارج سقطرى، إلا أنه منذ أكثر من عامين بدأ الكثير من السقطريين يشترون القات.

ويشير البطريق، إلى أن أسعار القات ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف سعرها السابق، ورغم ذلك لايزال الكثير من الأشخاص يقدمون على شراءه.

البطالة وغياب الأنشطة الشبابية

التقينا (سالم 25 سنة) عندما كان يقف بجوار عبدالرحمن ليشتري منه القات له ولصديقه الذي مازال يخفي تناوله للقات.. دفع سالم أكثر من 8 آلاف ريال (نحو 8 دولار، وبعد أخذ ورد مع البائع حدثنا سالم بمعاناته مع البطالة؛ حيث يعيش وقت فراغ طويل، ولم يجد بعد أي عمل بعد تخرجه السنة الماضية من كلية التربية.

يقول سالم إن وقت الفراغ الذي يعيشه جعله يعتاد على تناول القات مع أصدقاءه لـ”يقتل الفراغ الذي يعيشه”، لكن أسرته لم تتقبل الوضع وترفض إعطائه المال خوفاً من إضاعتها في شراء القات.

ويعيش الكثير من الشباب في سقطرى أوقات فراغ في ظل غياب الأنشطة الرياضية، ما دفع غالبيتهم للاتجاه نحو عادات غير صحية، يتوقعون أنها تشغل وقت فراغهم، لكنها تضيع وقتهم دون جدوى.

 

غياب التمويل الحكومي

وفي هذا الإطار يتحدث مدير مكتب الشباب والرياضة في سقطرى علي صعباب، لـ”قشن برس”، أن المحافظة تفتقر للأنشطة والأندية الرياضية والمؤسسات الشبابية التي يمكن أن تستوعب طاقات الشباب.

ويضيف صعباب أن الأندية الرياضية في سقطرى تفتقر للكثير من الإمكانيات، فهي لا تملك ملاعب، كما أن ميزانيتها ضئيلة لا تمكنها من إقامة الأنشطة والفعاليات.

ويؤكد المسؤول الحكومي أن مكتب الشباب والرياضة في سقطرى لايملك ميزانية لإقامة مشاريع رياضية تساعد الشباب على استغلال أوقات فراغهم، كما أن الدولة والمنظمات غير مهتمة بهذا الأمر.

إدمان القات وضياع الوقت

“محمد 28 سنة” اسم مستعار، رياضي سقطري، أصبح يعمل في بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء، إذ وفّرت أزمة البترول فرصة له يكسب من خلالها قوت يومه، لكنه في الوقت نفسه أدمن على تناول القات وأصبح ذلك جزء من حياته اليومية، يفكر به منذ استيقاظه صباحاً، وأغلب همّه أن يوفر قيمة القات من عمله في بيع المشتقات النفطية بالسوق السوداء.

سالم ومحمد شابان سقطريان وليسا وحدهما من اتجهوا لتناول القات وإهدار أوقات فراغهم، فالكثير من الشباب في الأرخبيل بدأوا ينحدرون نحو هذه العادة.

ومع غياب التوعية بمخاطر القات على الشباب وتسببه بضياع الوقت والمال والصحة، يبدو أن انتشار تلك العادة في أوساط الشباب السقطري سيستمر، وهو ما يستدعي جهوداً رسمية ومجتمعية للحدّ من انتشار والحفاظ على سقطرى خالية من العادات غير الصحية، خاصة أن القات يأتي من خارج المحافظة وبإمكان الجهات الرسمية منع دخوله حفاظاً على مستقبل الشباب.

اترك تعليقا