“جني التمور”.. بشارة سكان سقطرى وغذاؤهم البديل لمقاومة أزمة “الرياح الموسمية”

قشن برس- تقرير خاص

تُضاعف الرياح الموسمية في أرخبيل سقطرى معاناة السكان، جراء توقف حركة ملاحة السفن الصغيرة، الشريان الوحيد الذي يمدها بالخدمات والسلع الأساسية.

ويشهد أرخبيل سقطرى موسم رياح سنوية شديدة، تبدأ في يونيو / حزيران وتنتهي في أغسطس / آب، وتصل سرعتها إلى 50 عقدة.

وترافق هذه الرياح أمواج عاتية، واضطراب في مياه البحر، تعطل حركة الملاحة البحرية من وإلى سقطرى، سواء للركاب أو البضائع، بشكل تام.

ويقول خبراء محليون إنه بمجرد حلول موسم الرياح الشديدة تبدأ معاناة السكان في الحصول على المواد الاستهلاكية، وفي حال توفرت ترتفع أسعارها بشكل كبير مقارنة بباقي الأشهر، بسبب توقف حركة التجارة عبر البحر.

في المقابل تشهد مناطق البوادي والجبال والوديان موسم  تخريف التمور، والاهتمام بالثروة الحيوانية الأمر الذي يدفع السكان للتوجه إليها لجني ثمرات النخيل وشرب الألبان وأكل لحوم الأغنام وغيرها من الخيرات التي تنعم بها الأرخبيل.

ويسمى موعد جني النخيل بـ “موسم الخريف” أو “الخرف” نسبة إلى تخريف التمور وجنيها والاهتمام بها، ويبدأ هذا الموسم من منتصف شهر يونيو وحتى أواخر شهر يوليو من كل عام.

وينتشر النخيل في أغلب مناطق الأرخبيل، ويستحوذ الجانب الشرقي منه على معظم التمور، يليه الجانب الجنوبي للجزيرة بينما يتواجد النخيل في الجانب الغربي من الأرخبيل بمديرية قلنسية.

ويفيد السكان أن التمور تعد الغذاء للمئات من الأسر في موسم الرياح، ومواسم أخرى بسبب افتقار الجزيرة للخدمات، وانعدام حركة السفن من وإلى الجزيرة، بالإضافة إلى أن الأحداث التي شهدتها الجزيرة منذُ أكثر من عام ضاعفت بشكل كبير من معاناة المواطنين.

ويؤكد السكان أن الأوضاع في المحافظة خلال العام المنصرم تدهورت بشكل كبير بسبب غياب دور السلطات الحكومية جراء سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على الأرخبيل منذ عام.

يضيف السكان أن موسم الرياح وغياب الجهات الرسمية، التي كان بإمكانها أن توفر للمواطن احتياجاته الأساسية عبر المنفذ الجوي، فاقمت وضع المواطن، وأصبحت التمور الملجأ الوحيد للتغذية ومكافحة الجوع المفروض عليه من تغيرات الطبيعة، ووحشية الإنسان.

يقول المزارع سعد جمعان سعد وهو رجل في الثمانين من عمره، إن زراعة النخيل ساعدت أبناء سقطرى منذ القدم، فقد كانت العون لهم في كثير من الأحيان، ويذكر أنه عندما كان في سن الشباب مرت عليه فترة طويلة لم يأكل فيها سوى التمر والماء.

ويضيف سعد في تصريح لـ “قشن برس” أنه زرع المئات من أشجار النخيل خلال سنوات الشباب، لكنه استفاد من ذلك وأصبح يجني الكثير من خيرات التمور من تلك الأشجار منذُ أكثر من عشرين عاما.

ويشكو الرجل المسن من عزوف الشباب في الوقت الحالي عن العمل بالمزارع، لافتا إلى أن السكان يقومون كل عام بتلقيح أشجار النخيل ويتسلقون أكثر من ثلاث مائة شجرة تقريبا، وبعدها يأتي جني المحصول.

وأوضح أنه بعد موسم الجني يتم حفظ التمور في جلود الأغنام، “قشعر”، وهي طريقة قديمة لحفظ التمور، وما زال أبناء سقطرى يستعملونها إلى اليوم.

يتابع سعد حديثه قائلا: “في السنوات الأخيرة تراجع محصول التمور بشكل لافت، ويرجع السبب إلى التغيرات المناخية التي نتج عنها أعاصير اقتلعت المئات من الأشجار”.

وتوجد عدة أنواع من التمور في الأرخبيل، ويعتبر (صرفانا) أكثر نوع متواجد في سقطرى وهناك “البننه وبانا وكلسكت، وحوكم وهو النوع الأحمر، ولكن “دحيضهل” يعتبر أفضل الأنواع المتواجدة في سقطرى.

ويعتبر موسم الرياح ((الخريف)) من أكثر المواسم التي تنغلق فيها الجزيرة عن العالم الخارجي، وفيه أكثر الازمات في الجزيرة ورغم ذلك فأبناؤها ينتظرونه بكل شغف ليجنوا محاصيل أشجار النخيل.

اترك تعليقا