عائلة “سعد”.. قصة مأساوية تحكي أوجاع النزوح في “المهرة” شرقي اليمن

قشن برس-خاص

في منتصف الليل وجدت عائلة “سعد” المكونة من 15 فراد نفسها محاصرة وسط السيول القادمة نحو المنزل من كل الاتجاهات.

بدأت تفاصيل تلك الليلة المرعبة بأصوات من سكان الحي ونباح الكلاب، لتدرك الأسرة الآمنة أن منزلها أصبح في مرمى كوارث السيول الناتجة عن الإعصار لبان الذي ضرب محافظة المهرة في الـ 14 أكتوبر من العام 2018.

يتحدث “سعد بن محامد” أحد افراد العائلة عن مشاهد تلك الليلة العصيبة التي وضعت عائلته بين النزوح من المنزل وإنقاذ العائلة أو البقاء بداخل المنزل والغرق وسط السيول الغاضبة التي كانت تزداد ما بين الحينة والأخرى.

يفيد “سعد” أن العائلة قررت الهروب بعد أن بدأت السيول تغمر سور المنزل تاركة وراءها ذكريات ومجوهرات وتفاصيل سنوات طويلة من العمر.

غادرت العائلة الساعة الـ 2 بعد منتصف الليل فوق سيارة دفع رباعي ماعدا والد “سعد” قرر البقاء في المنزل حتى يستطيع اخراج ما يمكن إخراجه من المنزل بما في ذلك سيارة العائلة الثانية نوع “هايلوكس”.

يقول “سعد” إن مغامرة الخروج من المنزل كان الخيار الصحيح، لكنها لحظات فيها الكثير من الوجع والخوف والهروب من غضب الطبيعة.

تحركت العائلة إلى مصيرها المجهول كما يروى “سعد” وبدأت لحظات المواجهة مع السيول القادمة من كل مكان وسط صراخ وخوف لدى النساء والأطفال.

يروي “سعد” أن شقيقة الأكبر كان يقود السيارة وكلما قطع مسافة تجرفها سيول عارمة ويشعر أنها توقفت، وبعد إصرار كبير استطاع انقاذ العائلة واستقر بها في أحد المدارس الموجود في جبل يطل على قريتهم “عتاب”.

في ساعات الليل الأخيرة وصلت العائلة إلى المكان والكل خائف والأطفال والنساء يشهقون بالبكاء، والجميع يدعو لرب الأسرة بأن يلحق بهم سالما من أي مكروه.

لم يسبق لعائلة “محامد” أن شاهدت الغضب القادم من البحر وتوحش الطبيعة، لكن والد “سعد” البالغ من العمر 60 عاما يتمتع بخبرة كبيرة وسبق أن واجه مثل تلك اللحظات.

يقول “سعد” إن المطر كان مستمر والسيول تجرف كل ما قبلها، وبدأت الشمس تشرق وتطلق إشارات الدفء والأمل لعائلته التي ظلت ساعات الليل وسط البرد والخوف والجميع لا يدري عن مصير الوالد أي شيء.

وبعد انتظار طويل استطاع الرجل الكبير الهروب من المطر صفر اليدين بعد أن جرف السيل سيارته، واستطاع الخروج منها والعبور عن طريق السباحة والمشي بالاقدام معتمدا على خبرته الطويلة في التعامل مع كوارث السيول.

يقول “سعد” إن منزلهم تهدم بعد دقائق من خروج والده من المنزل، وجرف السيل كل محتويات المنزل من أثاث ومجوهرات وكل ذكريات العائلة وسنواتها الجميلة داخل المنزل الذي أصبحت بعد تهدمه مشردة في مخيمات النزوح.

ويفيد أن عائلته ليست الوحيدة من عاشت سيناريو التشرد والخوف، فهناك آلاف الأسر واجهت نفس المأساة في منطقة “عتاب” ومناطق أخرى بمحافظة “المهرة”.

وأكد أنه منذُ ذلك الحين تعيش تلك الأسر حياة التشرد والمعاناة بعد أن حلت عليهم كارثة إعصار “لبان” وسط تجاهل من السلطات المختصة وفساد قياداتها ونهب التعويضات التي خصصت للعائلات المنكوبة.

وحصل “قشن برس” على وثيقة تكشف تجاهل السلطات لمعاناة أسرة سعد ومصادرة حقوقهم، ونهب مشاريع بناء منازل سكنية لهم تقيهم حرارة الصيف وبرد الشتاء.

 

اترك تعليقا