قشن برس-تقرير خاص
لم تسلم “أرخبيل سقطرى” اليمنية، من تبعات الحرب الدائرة في اليمن للعام السادس على التوالي رغم بعدها عن البر الرئيسي وأماكن الصراع.
ظهرت انعكاساتها على الجانبين الإنساني والاقتصادي داخل الأرخبيل، وحتى على الحياة الطبيعية التي تمثل التراث العالمي الذي تزخر به الجزيرة، حيث لجأ السكان إلى قطع الأشجار واستخدام أخشابها في الطهو والتدفئة بسبب عدم وجود الغاز.
وبسبب مخزونها المتنوع وخصائصها الطبيعية الفريدة من نوعها، وجدت أطراف إقليمية في ذلك فرصة سانحة لبسط النفوذ والهيمنة على موقعها الاستراتيجي المطل على المحيط الهندي.
وخلال السنوات الماضية كانت الأرخبيل في مرمي الأعاصير الطبيعية، والأطماع البشرية، بدأت ملامحها عقب دخول أبوظبي إلى “سقطرى” من بوابة الأعمال الخيرية والإنسانية، فكانت أول من أرسل قافلة إغاثية في نوفمبر 2015 لمساعدة السكان المتضررين من إعصار “تشابالا”.
وتبعها، زيارات مستمرة لوفود من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الخيرية.
ومنذُ ذلك الحين تشهد الجزيرة جملة من الخطوات الإماراتية، منها تدشين رحلات شبه يومية بين أبوظبي وسقطرى، قابلها تقنين الرحلات الداخلية إلى الجزيرة، مع قيود على السفر إلى سقطرى لا سيما مواطنو الشمال، واعتماد شبكة اتصالات خاصة بدولة الإمارات، وكذلك الإشراف على إدارة مطار وميناء سقطرى، من خلال الاعتماد على عناصر موالية لها واستمالة الشخصيات الاجتماعية والعمل على شراء ولاءاتها وتجنيس مئات السكان ومنح تسهيلات السفر إلى الإمارات وتجنيد المئات من شباب الجزيرة.
الجهات والجماعات التي مولتها الإمارات ودربتها شكلت طرفا آخر موازي للدولة، يعمل على إثارة الفوضى والتمرد في الجزيرة الآمنة والمستقرة.
“يقول السكان إن المظاهر المسلحة وانتشار المدرعات العسكرية تهدد بيئة الأرخبيل وتراثها وهويتها الثقافية والجغرافية التي لم تشهد من قبل أي حروب أو مظاهر مسلحة تعكر صفو الحياة الجميلة التي يعيشونها منذُ القدم”.
وشهدت الفترة الماضية تنديد دولي واسع بالتحركات العسكرية التي تستهدف تراث “سقطرى” العالمي من قبل أطراف فاعلة في التحالف العربي.
وتعد الجزيرة موطنًا لأشجار Dragon Dragon Blood ( Dracaena cinnabari ) المحمية من قِبل اليونسكو ، والمعروفة محليًا باسم “دم الأخوين”، والتي تعد من الأنواع النباتية المهددة بالانقراض.
وحذرت منظمات دولية من تعرض أشجار الأرخبيل وطيورها وحيواناتها النادرة للسرقة، وتحويل محمياتها الفريدة إلى مدن سكنية من قبل الإمارات والجماعات المسلحة التي تمولها.
ودعت البيانات منظمة الأمم المتحدة بتكثيف جهودها لحماية التنوع البيولوجي النادر في سقطرى، موكدة على أهمية أن تفي بالتزاماتها كهيئة دولية.
الفوضى تهدد تراث الأرخبيل
يقول دكتور اللغة العربية في كلية التربية في الأرخبيل “أحمد العامري” إن نشر الفوضى والذعر وإقلاق سكينة الناس تؤثر سلبا على جمال الأرخبيل وعلى تراثها الفريد”.
وأضاف في تصريح لـ “قشن برس”، “أن الفوضى تحول حياة الناس الهانئة إلى مضطربة وتحول السلام إلى ذعر وخوف والأمن إلى قلق ورعب”.
وأفاد “العامري” لدي رسالة أريد أوجهها “للأيادي الخارجية عربية كانت أو عالمية التي تحاول تشكيل سقطرى حسب ارادتها”: أن سقطرى عصية ولن تلبي رغباتكم… ودعوها شارة في أذهانكم سقطرى غير:
وأضاف أما الأيادي المحلية التي رضت أن تكون جسر عبور لتنفيذ المخططات الخارجية في إشارة إلى (المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات”، “عودوا إلى صوابكم قبل إن تحيق بكم لعنة الأرض والإنسان والسماء فالدراهم تفنى وتخلد الأرض”.
ولفت إلى أن “التحركات العسكرية تؤثر بشكل مباشر على كل شيء وخاصة السياحة والسياح الذين يحبون سقطرى خالية من أصوات الرصاص ومن المظاهر العسكرية بشكل عام”.
وأكد أن العشرات من السياح “لاحظوا التحول الخطير واستغربوا من ذلك، والآن تبدو الأرخبيل خالية من السياح بسبب أزمة “كورونا” والقليل منهم آثر البقاء في “سقطرى”.
الفوضى تستهدف أمن وسلم الأرخبيل
ويرى نائب مدير التأمينات في المحافظة “ناظم محروس”، إن “سقطرى عاشت حقب من الزمن ومرت بها أحداث سياسية وسلطات متوالية، ولم يعرف عن مجتمعها السقطري سوى السلم والامان الفريدان والمنقطع النظير مقارنة بباقي بلاد العالم”.
ولفت “محروس” في تصريح لـ “قشن برس”، “إلى أن جوهرة المحيط الهندي تعيش في الوقت الحالي اجواء سياسية مضطربة تقف خلفها التدخلات الخارجية والإقليمية في الشأن الداخلي المدني والسياسي”.
وأكد أن “التدخل الإماراتي خلق حالة من الفوضى التي تستهدف امن وسلم الارخبيل، وهي سياسات افراغ سقطرئ من محتواها الجمالي وطابعها السلمي وتراثها الفريد عبر الزمن”.
وبين أن “السلطة المحلية ومعها الوجاهات والشائخ والنخب السقطرية تقف صفا واحدا في وجه هذه التدخلات التي تمس كيان وخصوصيات الانسان السقطري”.
وقال “محروس”، إن التشكيلات المسلحة المدعومة من الإمارات تسعى إلى تعكير صفو سقطرى وامنها وسلمها الاجتماعي، ستحاسب طبقا للنظام والقانون”.
و”أكد أن امن سقطرى وسلمها الاجتماعي هو الشي الذي لا يمكن المساومة عليه باي ثمن كان”.
و”أشار إلى أن الاعمال التخريبية تسعى نحو تجريد الانسان السقطري من طابعه الفطري ومن طبيعة بيئته القطريه وهي طباع الكرم والجود والبساطة والتعفف”.
وأضاف: “اليوم للأسف بدأنا نفقد هذه الصفات او بعضها، من خلال تأليب سياسي وتشجيع قوى سياسية على أخرى وشراء ولاء المواطنين بمبالغ ماديه هدفها خلق تناحر في أوساط المجتمع السقطري”.