شجرة دم الأخوين في سقطرى… رمز بيئي وتراثي في مرمى التهديد البشري وتغير المناخ
تقع جزيرة سقطرى اليمنية على حافة المحيط الهندي، وتُعد معزلاً بيولوجياً فريداً يحتضن تنوعاً حيوياً استثنائياً، أبرزها شجرة دم التنين ذات الغموض البيئي والثقافي. هذه الشجرة النادرة لا تنمو إلا في سقطرى، حيث تشكل جزءاً أساسياً من هوية سكان الجزيرة وتلعب دوراً بيئياً حيوياً في دعم النظام البيئي المحلي.
تُعتبر شجرة دم التنين بقايا حية من حقبة أكثر رطوبة منذ ملايين السنين، إذ تشير الدراسات الأحفورية والجينية إلى أن جنس الدراسينا كان واسع الانتشار في شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية قبل أن تنقرض معظم أنواعه بسبب التغيرات المناخية. إلا أن الظروف المناخية المستقرة والتضاريس الفريدة في سقطرى سمحت لبقاء وتطور هذه الشجرة النادرة التي تتميز بتركيبة وراثية تختلف تماماً عن أقرب أقاربها في جزر الكناري.
تلعب هذه الشجرة دوراً بيئياً محورياً من خلال جمعها للندى وضباب البحر وتوجيهه إلى التربة، ما يخلق بيئة رطبة تدعم تنوعاً نباتياً وحيوانياً فريداً، بما في ذلك أكثر من 15 نوعاً من النباتات المتخصصة وعشرات أنواع الزواحف المتوطنة. وتُعرف هذه العملية بـ”التقاط الأمطار الأفقي”، ما يجعل شجرة دم التنين بمثابة خزان مائي حي في بيئة الجزيرة القاحلة.
لكن بقاء شجرة دم التنين مهدد بسبب بطء نموها الشديد وتراجع تجددها الطبيعي، إذ تتعرض الشتلات الجديدة للرعي من الماعز قبل أن تصل إلى مرحلة النضج، مما أدى إلى تكوين غابات ذات تراكيب سكانية قديمة وضعيفة. ويُقدر عدد الأشجار بحوالي 80 ألف شجرة، يعيش 40% منها في هضبة فيرميهين، بينما المجموعات الأخرى صغيرة ومجزأة وتواجه خطر الانقراض في العقود القادمة.
وحذرت الدراسات من أن هذه الشجرة ستفقد ما يصل إلى 45% من موطنها الطبيعي بحلول عام 2080 إذا استمر تغير المناخ والضغوط البيئية دون تدخل. وتعتبر سقطرى، التي لم يتضرر نظامها البيئي بالكامل بفعل الأنشطة البشرية، فرصة حيوية للحفاظ على إرث بيئي وتراثي يعود لملايين السنين، من خلال حماية هذه الشجرة الفريدة التي تجمع بين الطبيعة والثقافة في آن واحد.
ووفق تقرير موقع “مونغاباي” المتخصص في الشؤون البيئية ودراسة منشورة على “ساينس دايركت”، فإن جهود الحفاظ على شجرة دم التنين تمثل تحدياً بيئياً وثقافياً رئيسياً يتطلب تدخلات عاجلة للحفاظ على هذا الكنز الطبيعي الفريد من نوعه في جزيرة سقطرى.