قشن برس-
سلطت ورقة بحثية نشرها مركز صنعاء للدراسات والأبحاث الضوء على آثار تغيّر المناخ في اليمن في ظل تنامي الظواهر الجوية المتطرفة، وركزت على محافظة المهرة التي شهدت تزايد الكوارث الطبيعية المرتبطة بتغيّر المناخ بما في ذلك الأعاصير والسيول المفاجئة.
وجاءت الدراسة تحت عنوان “الظروف المناخية المتطرفة في اليمن ودور أنظمة الإنذار المبكر: “المهرة” كدراسة حالة”، ويقدم هذا الموجز السياساتي توصيات عملية للتخفيف من آثار الظواهر الجوية المتطرفة في اليمن، بما في ذلك تفعيل نظام الإنذار المبكر في المهرة، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية..
وترى أن آثار تغيّر المناخ في اليمن تنعكس بشكل واضح مع تنامي الظواهر الجوية المتطرفة في جميع أنحاء البلاد. على مدى السنوات الثماني الماضية، شهدت المهرة -المحافظة الواقعة أقصى شرقي اليمن -تزايد الكوارث الطبيعية المرتبطة بتغيّر المناخ، بما في ذلك الأعاصير المدارية والسيول المفاجئة التي حصدت الأرواح وتسببت في فقدان سبل كسب عيش كثير من السكان.
ويستند هذا الموجز السياساتي إلى استطلاع رأي شمل 183 مشاركًا ومشاركة، إضافة إلى مقابلات ثنائية وحلقات نقاش بؤرية مع خبراء ومسؤولين ومع أبناء المجتمع المحلي، ويبحث في تأثير الظواهر الجوية المتطرفة على المجتمع المحلي في المهرة وانعكاساتها على الحياة اليومية والمساكن والنشاط الاقتصادي، بما في ذلك التأثير على القطاعين الزراعي والسمكي. أظهرت الدارسة افتقار محافظة المهرة حاليًا إلى بنية تحتية متينة قادرة على الصمود ضد الكوارث الطبيعية، مما يعرض حياة فئات المجتمع خصوصًا الضعيفة منها للخطر ويهدد بفقدانها مصادر كسب عيشها بشكل متزايد في ظل تواتر حالات الطقس المتطرفة وتعذر القدرة على التنبؤ بها.
ويفيد: تُساعد نظم الإنذار المبكر على مواجهة أحوال الطقس المتطرفة من خلال جمع المعلومات وتعزيز القدرة على التنبؤ بنمط الطقس، مما يتيح فرصة تحذير المواطنين استباقيًا، وتسليط الضوء على مخاطر مثل هذه الظواهر، ومساعدة السلطات في التخطيط والاستجابة لها.
وسعى محافظ المهرة عام 2022 إلى إنشاء نظام إنذار مبكر في المحافظة، لكن للأسف بقي النظام محدودًا جدًا وبدون تفعيل.
ومن هذا المنطلق، يقدم هذا الموجز السياساتي توصيات عملية للتخفيف من آثار الظواهر الجوية المتطرفة في اليمن، بما في ذلك تفعيل نظام الإنذار المبكر في المهرة، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية.
كما تطالب في توصياتها إبرام الشراكات ووضع آليات تنسيق للاستجابة لحالات الطوارئ في المهرة. يتطلب إنشاء نظام الإنذار المبكر التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات الفاعلة ذات الصلة، بما في ذلك الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية الوطنية والمنظمات المجتمعية والقطاع الخاص. ستُيسر الشراكات وآليات التنسيق تبادل المعلومات، وتعبئة الموارد، والتخطيط المشترك لجهود الاستجابة، ويمكن أن يشمل ذلك: إنشاء منبر لمختلف الجهات الفاعلة ذات الصلة أو تشكيل لجنة تضم ممثلين عن مختلف الجهات الفاعلة المنخرطة في مجال الحدّ من مخاطر الكوارث والتخطيط للاستجابة لحالات الطوارئ.
وشددت على أهمية ضع استراتيجية وخطة عمل شاملة تُحدد أدوار ومسؤوليات مختلف الجهات المعنية بإنشاء وتفعيل نظام الإنذار المبكر، وحشد الموارد والتمويلات المطلوبة، ووضع آليات الرصد والتقييم اللازمة لقياس فعالية النظام. قد يشمل ذلك إجراء تدريب ومحاكاة بصورة منتظمة لاختبار النظام وتحديد أوجه القصور المطلوب تحسينها، فضلًا عن الاستثمار في برامج بناء القدرات والتدريب لأصحاب المصلحة المعنيين.
ودعت إلى إطلاق برامج توعية مجتمعية قد تعزز تدابير التأهب للكوارث والاستجابة لها وتحدد الاحتياجات ومواطن الضعف لدى الفئات السكانية المهمشة أو الأكثر عرضة للخطر.
ويستلزم ذلك العمل مع القادة المحليين والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المجتمعية، فضلًا عن استخدام فِرَق متنقلة للتوعية في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها. كما يمكن الاستعانة ببرامج توعية في المدارس والمساجد، باعتبارها مؤسسات مجتمعية رئيسية، حيث سيعزز ذلك ثقافة التأهب والاستجابة الآنية لتحذيرات نظام الإنذار المبكر، وبالتالي تعزيز فعالية نظام الإنذار المبكر بصورة عامة.
ودعت إلى إعداد منشورات توعوية بشأن الاستجابات الطارئة للظواهر المناخية المتطرفة، بحيث تتضمن معلومات عن أنواع تلك الظواهر وتدابير التأهب للاستجابة لحالات الطوارئ. من المهم الأخذ بعين الاعتبار صياغة المنشورات بلغة مبسطة وسهلة الاستيعاب، وأن تتضمن تعليمات واضحة وإرشادات مرئية. كما ينبغي توزيعها على نطاق واسع عبر مختلف قنوات التواصل ومن خلال برامج التوعية المجتمعية وفي المدارس ومكاتب السلطة المحلية.
تنفيذ نظام إنذار مبكر متعدد القنوات يجمع بين وسائل التواصل التقليدية والحديثة. من المهم اعتماد نَهْج متعدد القنوات لنشر التحذيرات بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز والرسائل النصية القصيرة ومكبرات الصوت -لا سيما تلك الموجودة في المساجد -حيث سيضمن ذلك تعميم التحذيرات في حالات الطوارئ بصورة فعّالة بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن استخدامهم تكنولوجيا التواصل الحديثة أو موقعهم الجغرافي.
الاستثمار في شبكات الهاتف المحمول وتوسيع نطاق تغطية الرسائل النصية القصيرة والتعاون مع الشركات المحلية المقدمة لهذه الخدمات. يُمكن استخدام نظام تنبيه عبر الهاتف المحمول لإرسال رسائل نصية قصيرة أو إرسال التنبيهات إلى أفراد المجتمع حال وقوع ظواهر مناخية متطرفة، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية.
إنشاء نظام الإنذار المبكر في المهرة على مرحلتين:
ويرى أن المرحلة الأولى ستركز على استخدام الإمكانيات والموارد المتاحة لوضع الأساس اللازم لإنشاء نظام الإنذار المبكر ودعمه بعدد كافٍ من الكوادر المؤهلة والمعدات اللازمة. وستشمل المرحلة الأولى ما يلي:
ويضيف: كما تركز على توفير البنية التحتية المطلوبة (الأجهزة، والبرمجيات، والمواقع الإلكترونية، وغيرها) لربط وحدة الإنذار المبكر بالأقمار الصناعية ومراكز الأرصاد الجوية على المستوى الوطني والدولي، إضافة إلى تخصيص خط ساخن للتواصل مع الجهات ذات الصلة في حضرموت والمركز الوطني للإنذار المبكر في عُمان.
ويطالب بدعم وحدة الإنذار المبكر باثنين من الموظفين المؤهلين قادرين على تشغيل النظام وتحليل البيانات الواردة بشكل سليم وبث التحذيرات.
وشدد على أهمية إشراك النشطاء المهتمين بالمناخ في تفعيل نظام الإنذار المبكر، حيث يُمكن إدماج هؤلاء الأفراد رسميًا وتدريبهم على العمل بصفة مؤسسية مع الجهات ذات الصلة بغرض توحيد البيانات والتنسيق مع جهة واحدة مُكلفة بتعميم ونشر رسائل التحذير.
وطالب بإجراء مسح لمحطات الأرصاد الجوية القائمة، وتقييم وضعها الراهن وجدوى إدماجها في الخطط قصيرة أو طويلة الأجل لنظام الإنذار المبكر.
ويشير إلى ضرورة تصميم موقع إلكتروني لوحدة الإنذار المبكر يكون بمثابة مصدر مركزي لعرض المعلومات وآخر المستجدات حول الظواهر الجوية المتطرفة في المهرة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضمان سهولة دخول الموقع وتصفحه واحتوائه على روابط تنقل المتصفح إلى مصادر وصفحات أخرى، كصفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهاتف المحمول، والخرائط التي يمكن أن تساعد أفراد المجتمع على الاستعداد للكوارث الطبيعية والاستجابة لها.
يتابع: كذلك إنشاء منصة على مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم من قِبل الهيئات المعنية لنشر المستجدات حول الظواهر الجوية المتطرفة وخطط الاستجابة للطوارئ. يمكن أيضًا استخدام المنصة للتواصل مباشرة مع أبناء المجتمع والإجابة على أسئلتهم أو شواغلهم.
وتقول الدراسة: ستركز المرحلة الثانية على توسيع نطاق تغطية نظام الإنذار المبكر عن طريق إجراء الدراسات الميدانية اللازمة وإنشاء المحطات الميدانية ذات الصلة. ستستلزم هذه المرحلة ما يلي:
كما تركز على إجراء دراسة للعوامل الجوية ودراسات هيدرولوجية وهيدروليكية تجمع بين البيانات القديمة وخرائط تقييم المخاطر والبيانات الحديثة لأجهزة الاستشعار/ المحطات القائمة من أجل تطوير نموذج للتنبؤ بالظواهر الجوية المتطرفة ونشر التحذيرات في الوقت المناسب. سيعتمد هذا على تحديد شبكة أجهزة الاستشعار ومحطات الأرصاد الجوية للتعاطي مع البيانات ونقلها إلى غرفة تحكم.
ويختتم التوصيات بالإشارة إلى توسيع نطاق تغطية نظام الإنذار المبكر على أساس تقييم الضعف والمخاطر، والدروس المستفادة من المراحل السابقة. اتباع هكذا نَهْج للتنفيذ المرحلي من شأنه أن يُسهّل إدخال التحسينات بصورة مستمرة وإدماج الدروس المستفادة.