“علاج الأعشاب”..دواء أبناء سقطرى البديل لمقاومة عزلة الطبيعة وجور الحكومات المتعاقبة

قشن برس- تقرير خاص

في محافظة أرخبيل سقطرى، حيث لايزال القطاع الصحي متأخراً أمام حاجة الناس للعلاج، مازال الناس يستخدمون النباتات الفريدة لتكوين وصفات علاجية لعدد من الأمراض.

وفرضت العزلة التي فرضتها طبيعة سقطرى وساهمت الحكومات المتعاقبة فيها، على السكان اللجوء نحو البدائل فكانت الأعشاب المستخرجة من الأشجار الفريدة وسيلة مواطنيها للتداوي من أمراض كثيرة وخاصة تلك المتواجدة في شجرة دم الأخوين.

وخلال السنوات الماضي اشتهر الطب الشعبي السقطري، وكسب ثقة العملاء من خارج الجزيرة نتيجة للتنوع الفريد الذي حباه الله عز وجل للطبيعة السقطرية بغناها بالأعشاب والنباتات العلاجية؛ التي بفضلها يحقق العلاج نتائج إيجابية لعلاج عدد كبير من الأمراض.

ويقول خبراء الطب الشعبي في الجزيرة إنهم يسعون نحو اكتشاف المزيد من الأدوية؛ لكن قلة الإمكانيات وعدم توفر أجهزة فحص.. خاصة أجهزة تحليل المواد السائلة تؤخر من ذلك؛

يقول الدكتور محمد سالم العامري إن الإنسان السقطري قاوم العزلة التي فرضتها طبيعة سقطرى عليه، وساهمت الحكومات المتعاقبة فيها ومازالت كثير من مظاهرها إلى اليوم تفرض عليه واقعا مريراً؛

وأضاف: ولذلك اخترع الإنسان السقطري أساليب ووسائل لمقاومة هذه العزلة فصنع أدواته بنفسه، وسخر كل امكانياته للاستفادة مما حوله من الطبيعة إلى أقصى غاية فتكيف مع هذا الوضع حتى استقامت شؤونه وصلح عيشه ولم يستسلم أو ينتظر المدد من أحد.

وأكد في مجال الطب تعرف الإنسان السقطري رجلا وامرأة في القديم والحديث على ما ينفعه في بنيته الصحية والجسمية وما يخفف من آلامه فعرف الداء والدواء مما حوله من الطبيعة وبواسطة وسائل تقليدية في غاية البساطة، صنع منها أنجع العلاجات وأفضل المراهم وكآفة الوسائل والأدوات الطبية لمقاومة ما يلم به من الأمراض المختلفة.

وأضاف: أن الممارسة والخبرة أكسبت أغلب السكان من الرجال والنساء داخل الجزيرة القدرة على تشخيص الأمراض العارضة المنتشرة بين الناس وحتى الأمراض الدورية ولذلك لا يقلقون ولا يجهدون أنفسهم في البحث عن الطبيب المختص كما هي العادة اليوم في المدن والحواضر فقد تجلت حكمة الباري في توفير الطبيعة الملاءمة للاستشفاء حوله وأرشد الله هذا الإنسان إلى التعرف عليها ومعرفة منافعها وحبها حسن استخدامها.

وأشار الأكاديمي السقطري إلى أن هناك أطباء مهرة متخصصون في الطب الشعبي يستدعيهم الناس لمعالجة الأمراض المزمنة والمستعصية وهم فريقان: فريق احترف السحر والكهانة طلبا لكسب المال والشهرة ولهم مجتمعهم الخاص من ضعفة الدين والعوام.

وتابع: هناك فريق آخر يعالج بالرقى الشرعية والدينية وبالطب الشعبي كالكي واستخدام الأعشاب وغير ذلك وهؤلاء صادقون في تطبيبهم وتشخيصاتهم ووصفاتهم.

ويذهب العامري إلى أن الإنسان السقطري مارس التطبيب دون أن يتدرب في دورة أو يدخل مدرسة طبية أو جامعة متخصصة وتمكن من اجراء الكثير من العمليات فجبر الكسور وضمد الجروح وأزال القروح وخفف من حدة الآلام وتعرف على أدوات التضميد والتنظيف وعلى العديد من العلاجات الطبية من النباتات والأشجار والتربة وكآفة مظاهر الطبيعة ودوابها وحشراتها ولم يغفل حتى عن أساليب ووسائل التدليك التي نرى البعض منها اليوم تستخدم في أرقى الدول حضارة كالصين وغيرها.

وبين: لو تكلمنا في وصف أساليب الطب الشعبي كآفة لدى الإنسان السقطري لما وسعنا المقام والمقال لذلك نختار بعضًا من الأعراض المرضية وكيفية علاجها بالطريقة الشعبية والتي مازالت مستخدمة في بعض القرى والارياف إلى اليوم.

أمراض تعالج بالأعشاب

يفيد العامري أن المريض الذي يعاني من الإمساك في البطن يعطى مرقة اللحم، و مريس التمر أو عصير التمر ويدخل عصير التمر في جميع حالات الاستشفاء.

وأضاف: أما عند الاسهال فإنه يطبخ للمريض الدخن ويسكب وسطه إدام السمن البلدي ويطعم المريض ويكلف بأكلها حارة، وبعدها يعطى اللبن الرائب الذي لم يخض بعد وهو بمثابة الزبادي الذي ينصح به الأطباء اليوم لتحسين الهضم.

يتابع: هكذا عند الولادات تعطي المرأة من الأطعمة الحارة وخاصة اللبن والدخن والشعير والعصيدة، وعند لآلام المتنة يتم تسخين السمن البلدي ويدلك موضع المتنة جيداً بخرقة نظيفة،

وفي علاج الصنفير والجروح الحديثة والقديمة يقول العامري إنه يجري استخدام دم التريمو( الأسفد) والسبره، وعند الختان يستعملون مطهر شجرة اللقهم تطحن قشورها وتطبخ وكذلك قشور الأكشا ثم توضع على موضع الختان فتصير بمثابة الأيدين الطبي لوناً وفائدة ورائحة.

وفي علاج الصداع يعصب على رأس المريض ويصبغ بالحناء ويغسل بأوراق السدر كما يستخدم أوراق السدر بديلاً عن الشامبو في تنظيف الجسم والرأس يتم طحنها ويفحص به كامل الرأس حتى يصل الجلد ومن تم يغسل بماء كما تستخدم أوراق السدر في جميع حالات التنظيف وتغسيل الموتى

وفي حالات آلآم الأذن مثلاً تطحن أوراق العلهل واللصافة وتعصر داخل الأذن وهذا الإجراء يعمل على تصفية الأذن والتخفيف من آلامها

وهناك استخدامات عدة للصافة اكتشفها البعض حديثا منها تصفية البطن والكلى والصداع وتحسس الجيوب الأنفية وكثير من الأعراض والطفحات الجلدية.

وفي علاج آلام الأسنان يوضع على السن دم شجرة العشار وقليل من الملح، وكذلك في علاج آلام العيون تعالج بلبن الثدي وما يستخرج من دم الأخوين (الأمصالوه) تطحن وتسكب في العين، وكذلك حبوب المرنحة تسحق وتوضع داخل العين

وفي علاج الكسور مهما كانت صعبة يعاد تركيب العظام وموازاتها من حيث انفصلت ومن ثم يقطع أغصان من شجرة السبرة ويشق جدعها بطول مكان الكسر ثم تعصب جيدا بقيود وخرق

وفي التجميل يستخدمون الكركم والحناء البلدي الذي ينبت في جوانب الأحجار في المناطق الباردة والمرتفعة.

تجارب علاجية ناجحة

من جانبه يقول طانوف سالم نوح، الذي أصبح من أبرز المعالجين بالأعشاب في المحافظة، مستخدماً النباتات الفريدة لتكوين وصفات علاجية لعدد من الأمراض: من خلال عملي في مجال الطب الشعبي، والتجارب التي قمت بها، والدورات التي تلقيتها في عدد من الدول استطعت التوصل إلى عدد من الأدوية والوصفات الطبية لعدد من الأمراض الجلدية وغيرها، واستطعت التوصل إلى أدوية لعلاج الضعف الجنسي والعقم، وأدوية لتفتيت حصوات الكلى وعدد آخر من أدوية التجميل.

وحول نجاح الأعشاب في علاج بعض الحالات أوضح بن نوح أنه في فترة من الفترات تلقيت اتصالاً من امرأة في الإمارات كانت تعاني من العقم وتقول إنها أجرت عدداً من العمليات في مستشفيات الهند والأردن لمعالجة العقم. قالت لي إن الأطباء في تلك المستشفيات أخبروها أنه لا يمكن أن تحمل، فقررت أن تجرب الطب الشعبي السقطري وتواصلت معي لتجربة هذا العلاج.

وأضاف: بعد أن شكت لي قصتها وما تعانيه أعطيتها الوصفة الخاصة بالعقم المكونة من عدد من الأعشاب السقطرية، وبعد أيام من تعاطيها العلاج اتصلت لي تبشرني بأن علامات ومبشرات بدأت تظهر، وفي وقت لاحق تواصلت بي وأخبرتني أنها حامل، وأعطتني مكافأة مالية.. بعد فضل الله وتلك الوصفة عاد الأمل إلى تلك الأسرة بعد أن استحال عليها الأمر.

يتابع: بعدها تواصلت المرأة مع أطباء في الهند والأردن وأخبرتهم أنها بعد أخذها تلك الوصفة الطبية من الأعشاب السقطرية قد حملت. أثبتت الوصفة الخاصة بعلاج العقم نجاحاً كبيراً، وهناك 600 زبون من أصل 900 أكدوا لنا نجاح مفعول الوصفة فيما لم يتواصل الآخرون.

وفي إحدى المرات تواصل معي شخص من إحدى الشركات الفرنسية الدوائية وعرض علي العمل مقابل أن أعطيهم الوصفة؛ لكننا حتى اللحظة على خلاف فيما يخص براءة الاكتشاف التي تريد الشركة أن تدونها باسمها ليتوقف التواصل معهم بسبب وباء كورونا.

وحول إقبال الناس على الطب الشعبي من داخل الجزيرة أو خارجها أكد بن نوح أن طلبات الزبائن زادت خاصة من الذين يقومون بتوريدها وإرسالها  إلى أهاليهم في الخارج كالسعودية والإمارات وعمان، حيث يقومون بطلب كميات كبيرة ونقوم بتوفيرها، لكن في الفترة الحالية نواجه صعوبة في توفير الكميات للزبائن بحكم الجفاف الذي تمر به الجزيرة، وهو ما أثر في الأعشاب والنباتات الطبية، ما قلّل من مستوى الإنتاج وكذا الأضرار التي لحقت بالطبيعة السقطرية نتيجة الأعاصير التي شهدتها، وكان لها تأثير على النباتات في الأرخبيل إضافة إلى استحداثات البناء في بعض الأماكن التي تتواجد فيها تلك الأعشاب، وعبركم نناشد الجهات المختصة بحماية الطبيعة من تلك التهديدات.

منتجات سقطرية فريدة

يتابع بن نوح حديثة قائلا: لدينا منتجات خاصة لمعالجة الحروق وتشوهات البشرة حيث نستخدم مسحوق فصوص شجرة دم الأخوين الشهيرة وبعض من الأعشاب لعلاج تشوهات البشرة، كما لها استخدامات وفوائد عديدة لعلاج الكثير من الأمراض، يتم تحضيرها مع عدد من النباتات الخاصة لتستخدم في علاج وقف النزيف.

وكذلك هناك وصفات أخرى لعلاج فيروس الكبد B وكذا أمراض التيفوئيد والملاريا وتفتيت حصوات الكلى، ومنها مايستخدم لعلاج البواسير الداخلية وهذه النتائج أثبتت عن طريق تجارب ناجحة ومتعارف عليها قديماً والبعض تم تطويرها وإجراء دراسات حديثة حولها للتوصل إلى هذه النتائج.

ونتلقى طلبات كثيرة من الزبائن من مختلف المحافظات اليمنية، وكذا من بعض دول الخليج كالسعودية والإمارات وعمان من خلال التواصل معنا لنقوم بعدها بتوفير طلباتهم وشحنها إلى أماكن تواجدهم عبر الطيران، أو شركات النقل أو عبر وكلاء في عدد من المحافظات، وبعض الزبائن يتواصلون معنا عبر أقاربهم المقيمين في سقطرى والزوار أو السياح الوافدين إلى المحافظة، لكن ذلك توقف الآن بسبب الأحداث التي تشهدها البلاد.

 

 

 

اترك تعليقا