(تحقيق)..هل حقاً ينقذ بترول الإمارات أرخبيل سقطرى اليمنية؟!

قشن برس – تحقيق خاص

لم يعد أحمد سالم يمارس مهنة الصيد التي ورثها عن أجداده إلا نادراً بسبب ارتفاع قيمة البنزين أو انعدامه. في ظل حديث وسائل إعلام موالية للإمارات بإنهاء أزمة المشتقات النفطية في أرخبيل سقطرى اليمني التي يعيش فيها “سالم” منذ ولادته.

يشهد الأرخبيل الذي يبعد عن الساحل اليمني قرابة 250 ميلاً، أزمات دائمة في المشتقات النفطية، لكن هذه الأزمة تصاعدت منذ سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على سقطرى في يونيو/تموز2020م-حسب ما يقول السكان في تلك المنطقة.

وعلى عكس ذلك تقول وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي “عدن تايم“، و”المشهد العربي” وموقع “سقطرى اونلاين” -الذي يقدم نفسه كبوابة سقطرى- لكنه ينشر الأخبار والفعاليات التي تقيمهاعن المنظمات التابعة للإمارات في الأرخبيل. إضافة إلى وسائل إعلامإماراتية مثل “العين الإخبارية“.

https://al-ain.com/article/dreams-emirates-socotra

https://almashhadalaraby.com/news/289627

يحاول “قشن برس”(وهو موقع إخباري متخصص بمحافظتي المهرة وسقطرى) معرفة حقائق الدعم الإماراتي في المشتقات النفطية في خضم حجم الدعاية المهوّلة التي يتم تقديمها للسكان خارج الأرخبيل.

ولأجل ذلك تواصلنا مع (16) مصدراً من سكان ومسؤولين وشخصيات اجتماعية وشيوخ قبليين وقيادات تابعة للمجلس الانتقالي في مسعى لمكافحة التضليل المستمر حول الوضع المعيشي داخل الجزيرة. والإجابة على تساؤلات: ما حجم ما تقدمه الإمارات من المشتقات النفطية والخدمات لسكان سقطرى، وما المقابل؟ وهل تنقذ الإمارات سكان الأرخبيل فعلاً بتقديم تلك المشروعات؟

 

من يسيطر؟

توجد في سقطرى ثلاث منظمات إماراتية عاملة “الهلال الأحمر، ومؤسسة الشيخ خليفة للأعمال الإنسانية، ومؤسسة سلطان بن خليفة”. وقال اثنان من المسؤولين اليمنيين في الحكومة المعترف بها دولياً لـ”قشن برس”، مشترطين عدم الكشف عن هويتهما لكونهما غير مخولين بالحديث لوسائل الإعلام، إن “الهلال الأحمر ومؤسسة الشيخ خليفة” هي تعمل في الجزيرة كغطاء لممارسة المخابرات الإماراتية نفوذها في الأرخبيل.

ومحاولة الإمارات لبسط نفوذها في الأرخبيل-كما يقول المسؤولان- تسبق سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على سقطرى، لكن السلطة المحلية التابعة للحكومة كانت تتصدى أو “تبطئ محاولات أبوظبي للنفوذ، وتستخدمه بما يخدم السكان المحليين”.

وتتفق معظم المصادر التي تحدثنا معها على أن الإمارات استحوذت على أكثر من (90%) من مشاريع الخدمات في الأرخبيل مثل: المشتقات النفطية، الغاز المنزلي، مشاريع المياه، الكهرباء. وكشف تحقيق نشره “قشن برس” في ديسمبر/كانون الأول الماضي سعي أبوظبي للاستحواذ على “السياحة في الأرخبيل اليمني”.

توجد في سقطرى محطتان لشركة أدنوك الإماراتية، كما توجد خزانات في مناطق أخرى يتم ملئها- ومع ذلك منذ يونيو/حزيران 2020 تعاني الجزيرة بشكل دائم من نقص الوقود. كما يقول موظف في الشركة (من سكان سقطرى) وسكان محليون، إضافة لذلك لا توجد نقاط لبيع المشتقات النفطية كما تروج وسائل الإعلام القريبة من المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.

وحول كيف سيطرت “أدنوك” على سوق المشتقات النفطية في أرخبيل سقطرى؟

يقول محمد نوح وهو مسؤول محلي في مدينة “حديبو” مركز المحافظة: المفترض أن تكون شركة النفط مسؤولة عن توزيع المشتقات في الأرخبيل، وتوجد محطة واحدة يملكها رجل أحمد صالح العيسي (نائب مدير مكتب الرئيس اليمني عبدربه هادي) كانت تبيع النفط للمواطنين، لكن تراجع دورهاً لاحقاً بسبب المضايقات”.

وكانت وسائل إعلام موالية للحكومة تحدثت أن “المجلس الانتقالي أغلق محطة العيسي”، وحسب “نوح” وموظفين في المحطة فقد “استأنفت عملها لكن مضايقات مستمرة من المجلس الانتقالي أجبرها على الركود”، وهو ما ينفيه المجلس.

لذلك -حسب حديث نوح لـ”قشن برس”- فإن “أدنوك هي المهيمنة على بيع المشتقات النفطية والغاز المنزلي بدون منافس حقيقي”؛ ما يجعلها تتحكم بالأسعار التي تبيعها للسكان الذين يقدر عددهم ب150 ألف نسمة، ويعتمدون على الزراعة والصيد كمصدر دخل رئيسي. وكان سكانها يعانون انعدام الخدمات وانخفاض اهتمام الحكومة المركزية، حتى قبل تصاعد الحرب الأهلية المستمرة منذ 2015م.

وقال مسؤول في شركة النفط اليمنية (التابعة للحكومة) ومقرها في عدن إنها “غير قادرة على السيطرة على بيع المشتقات النفطية خارج إطارها”.

وأضاف “عندما أصدرت الحكومة -بطلب من الشركة- قانوناً يحصر استيرادها وتوزيعها وتسويقها عبر شركة النفط اقتحم المجلس الانتقالي مقر الشركة في عدن في (5يناير/كانون الثاني2022) وهدّد باستهداف مديرها الجديد عمار العولقي وإغلاقها”.

وتحدث المسؤول في الشركة لـ”قشن برس” شريطة عدم الكشف عن هويته خشية الانتقام.

http://alharf28.com/p-71311

هل أنهت الإمارات أزمة المشتقات النفطية؟

ورافق سيطرة “أدنوك” على توزيع “المشتقات النفطية والغاز”، حديث وسائل الإعلام الموالية للإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي أن “الإمارات تنهي أزمة المشتقات النفطية والغاز المنزلي” في الأرخبيل اليمني. لكن السكان يقولون غير ذلك.

وفي منزله يبدي الشيخ محمد سعيد الفهنة غضبه بصوت مرتفع ساخراً مما ينشر في وسائل الإعلام الموالية للإمارات عندما أطلعناه عليها، ويقول “نواجه أقسى ظروف معيشيةوحديث الإمارات عن حل أزمة المشتقات النفطية مثير للسخرية”، وينفي بشدة تقديم الإمارات حلاً لذلك.

ويضيف الشيخ المنحدر من جبال حجهر وأحد شخصيات بني ماجد الاجتماعية، في حديث لـ”قشن برس”: يدفع المواطن مبالغ باهظة لمحطتها المسماة أدنوك حتى يحصل على دبة بترول أو أسطوانة غاز منزلي.

ويشير الفهنة إلى أن “الأوضاع في سقطرى متدهورة، وتعيش على كف عفريت،..أصبحنا في عزلة حقيقية لا ندري لمن نشكو أوضاعنا المتردية، منذُ انقلاب الانتقالي على السلطة المحلية أصبحت الجزيرة بلا دولة أو قانون يضبط وضعها المعيشي”.

ويلفت إلى أن “المواطنين يشكون غلاءً فاحشاً في المشتقات النفطية، ولا تستطيع شراءه سوى فئة قليل من الناس.

وقال الصياد “أحمد سالم” (31 عاماً) في حديثه لـ”قشن برس” إنه “أوقف الصيد منذ عدة أسابيع، فما نصطاده لن نستطيع بيعه لأن زيادة التكاليف يعني زيادة قيمة السلعة التي نبيعها، ولأننا نعرف دخل الناس فلن يتمكن إلا قليل منهم شراءها”.

تُباع في سقطرى أغلى من سعرها في الإمارات

ويقول الناشط المجتمعي محمد السقطري(25 عاماً) إن الجزيرة “تعاني من أزمة المشتقات النفطية منذُ القدم، وكانت تتواجد فيها محطة العيسي المورّد الوحيد للمشتقات النفطية، وبعدها جاءت محطة أدنوك الإماراتية التابعة لمؤسسة خليفة”.

وأضاف السقطري “أنهم يدفعون مبالغ كبيرة للحصول على البنزين والغاز المنزلي، وليس كما تروج له وسائل الإعلام الإماراتية أنه يجري توزيعها”.

من جهته قال الشيخ القبلي “الفهنة”: مؤخراً كانت هناك أزمة في البترول، وبعد أيام وفرته الإمارات، لكن سعر دبة البترول (الصفيحة 20 لتر) الواحدة وصل إلى 28 ألف، وكنا مجبرين على شراءها بهذا المبلغ، والكثير من الناس لم يستطيع شراء البترول فيضطر للجلوس داخل منزله.

وحول الغاز المنزل يؤكد الشيخ القبلي أن “الامارات هي المورد الوحيد حالياً لكنه يباع بمبالغ باهظة”.

أما المواطن سعيد محمد فقال لـ”قشن برس”: إن أسطوانات الغاز المنزلي الإماراتية (50 رطلاً)يُعاد تعبتها بـ48 ألف ريال، والاسطوانة الإماراتية الصغيرة (25 رطلاً) يصل سعرها إلى ثلاثين ألف ريال.

وهذه الأسعار في ديسمبر/كانون الأول الماضي ما يعني أن اللتر البنزين كان بقرابة (1450ريال يمني)، أي أن قيمة الصفيحة عشرين لترا (28 ألف ريال)، فيما تقوم محطة أدنوك بتعبة أسطوانة 25 رطل بـ(30 ألف يمني)، وهو أعلى بكثير مما يدفعه بقية السكان في مناطق سيطرة الحكومة أو المجلس الانتقالي.

في 23 ديسمبر/كانون الأول قررت شركة النفط اليمنية في (عدن) -حكومية-: مع تحسن قيمة العملة تخفيض قيمة صفيحة البنزين عشرين لتراً من (21000 ألف ريال) إلى نحو 13200 ريال. وتصل قيمة أسطوانة الغاز المنزلي في عدن (25 رطلاً) إلى (5500 ريال) في وقت كان الدولار بقيمة (1350 ريالاً).

كما أنه وبمقارنة ما تبيعه شركة “أدنوك” لسكان الإمارات، نكتشف أنها تبيعه لسكان سقطرى بأغلى مما تبيعه للجمهور في الإمارات. إذ أنها تبيع لتر البنزين في بلادها ب(0.71 دولار) أي أن الصفيحة البنزين بقيمة (14.2$)، لكن تبيعه لسكان سقطرى ب(20.74$) بقيمة صرف الدولار الواحد (1350ريال يمني). فيما تبيع “أدنوك” أسطوانة الغاز 25 رطل لجمهورها ب(9.5$) وتبيعه لسكان سقطرى ب(22.2$).

وهو فارق مهول في حقيقته، وكبير للغاية مقارنة بمتوسط دخل الفرد السنوي في الدولتين، حيث يبلغ متوسط ​​دخل الفرد في دولة الامارات أكثر من 70 ألف دولار، فيما متوسط دخل الفرد في اليمن430 دولاراً فقط. فمعظم سكان سقطرى لا يتسلمون رواتبهم- إن كانوا موظفين حكوميين- وفي أفضل الأحوال فإن رواتبهم بين (60-100 ألف ريال)، ما يعني أن قدرتهم الشرائية ضعيفة للغاية. وهو ما قد يدفعهم لاتخاذ خطوات إجبارية مثل “التحطيب الجائر” الذي يهدد بيئة الجزيرة الموجودة ضمن قائمة التراث العالمي.

وهو ما يؤكده المسؤولون المحليون والناشط محمد السقطريو”الفهنة” وسكان الجزيرة الذين التقينا بهم. ويقول سعيد إنه: على الرغم من أسعارها المرتفعة لا يحصل المواطن على أسطوانة الغاز بسهولة حتى إذا توفرت في السوق لا نملك المبلغ الكافي لشرائها.

الإمارات تبيع المشتقات النفطية لسكان سقطرى أغلى مماتبيعه لسكانها

معاناة وطوابير

يؤكد ذلك محمد السقطري في حديثه لـ”قشن برس” “إلى أنه على الرغم من تواجد محطتين لأدنوك إلا أن “المواطن يعاني من احتكار كبير، وخلال الأشهر الماضية (أكتوبر2021 حتى مطلع يناير2022) يمسك السكان طوابير طويلة ليوم أو يومين، والبعض منهم يظفر بدبة بترول، فيما يعود آخرون صفر اليدين ولا يوجد أي مراعاة لظروف المرض أو الاحتياجات الطارئة”.

ويرى أن هناك تفنناً”في تعذيب المواطن من قبل محطة أدنوك الإماراتية، وعلى سبيل المثال لديها أوقات دوام محدودة ومتقطعة، وبعض الأحيان تغلق في وجهك وأنت عند الباب بدون أي مراعاة للاعتبارات الإنسانية والأخلاقية”.

واتهم “أدنوك” بالسعي نحو احتكار المشتقات النفطية، خاصة بعدما واجهت “محطة العيسي” الكثير من العراقيل حتى أصبحت في فترة من الفترات عاجزة عن إيصال الوقود إلى الجزيرة.

ويفيد السقطري أن محطة أدنوك توفر الغاز المنزلي لكنها تحضر “كميات محدودة وتوزع على مربعات معينة، وأحيان كثير يجب أن تكون في طابور طويل للحصول على أسطوانة وأحيان أخرى لا تحصل عليها”.

ويبدي الناشط المجتمعي أسفه شديد على ماينشر في وسائل الإعلام الإماراتية والموالية للمجلس الانتقالي، “بأن الأخيرة توزع الغاز المنزلي على مناطق المحافظة لافتاً إلى أننا نقرأ هذا في وسائل إعلامهم لكننا لانرى شيئا على أرض الواقع”.

وشكا السكان والمسؤولون في الأرخبيل الذين تحدث “قشن برس” إليهم من أزمة مستمرة للمشتقات النفطية والغاز المنزلي بعكس الدعاية المنشورة في وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي وموالية للإمارات.

ودافع مسؤول في المجلس الانتقالي في سقطرى، عن الإمارات وعن جهودها في المحافظة، وقال: إن الإمارات وفرت الغاز المنزلي للمحافظة عن طريق محطة أدنوك ويستطيع كل مواطن أن يأخذ ما يحتاج من المادة”، وهو عكس ما يقوله السكان والمسؤولون المحليون الآخرون.

ويضيف المسؤول، الذي تحدث لـ”قشن برس” شريطة عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع،: أن الإمارات عملت في الأيام الأخيرة على توصيل المادة إلى مختلف المربعات والمناطق على مستوى الجزيرة، وهذا يخفف من معاناة المواطنين في عملية الشراء.

ويقول السكان إن ما يحدث هو مربعات محدودة ومعظمها في المناطق التي يتواجد فيها أنصار المجلس الانتقالي.

وتوحي التغطية المصاحبة لبيع الغاز المنزلي في المربعات بكونه يتم توزيع الغاز وليس بيعه!

ونفى سكان الجزيرة الذين تحدثوا لـ”قشن برس”: أي توزيع للغاز المنزلي بشكل مجاني.

وقال أحد سكان حديبو “محمد محمود”: يتم توصيله إلى بعض الأحياء أو المربعات في العاصمة حديبو لكن من يريد أسطوانة غاز عليه أن يدفع قيمتها بمبلغ كبير للغاية. وفي معظم الأشهر نلجأ إلى السوق السوداء المتفشية في حديبو.

لكن المسؤول في المجلس الانتقالي نفى وجود أزمة في المشتقات النفطية أو أن أسعار “أدنوك” غير مقبولة، ويضيف: نحن من هنا نزرع الطمأنينة الخالصة وكل ما يشاع حول موضوع المشتقات النفطية لا أساس له من الصحة.

أدنوك تابعة لمؤسسة خليفة!

من ناحية أخرى تقوم “مؤسسة خليفة” بالقيام بمهمة الشركة في بيع الأسطوانات كما تفيد وسائل الإعلام. وهو ما أدى -كما يبدو- إلى اعتقاد معظم السكان المحليين في سقطرى أن شركة أدنوك تابعة لمؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية وليست شركة تجارية منفصلة.

يأتي ذلك على الرغم من أن شعار “أدنوك” ملصق في المحطات وخزنات الوقود المنتشرة إلا أن “المشتقات النفطية، والغاز المنزلي” تصل إلى سقطرى باسم مؤسسة “خليفة للأعمال الإنسانية” -كما تفيد وسائل الإعلام التابعة للمجلس الانتقالي والموالية للإمارات- فيما يبدو كتضليل متعمد أن هدفها إنساني لا تجاري.

وهو أمرٌ جرى ملاحظته في لقاءات “قشن برس” لإنجاز هذا التحقيق مع السكان، بما في ذلك الناشطين والمسؤولين المحليين وكرروا مراراً: محطة أدنوك التابعة لمؤسسة خليفة.

وعلاوة على التضليل المتعمد تكرر وسائل الإعلام الموالية والتابعة للإمارات والمجلس الانتقالي عبارات الثناء والمديح للإمارات فيما يعتبرونه “مساعدة سكان سقطرى في إنهاء أزمة المشتقات النفطية”، ويهاجمون أي بديل أو منافس ممكن لهذه الشركة.

 

هل يمكن أن تعود المنافسة؟

ويقول السكان إن عدم وجود منافسة ساهم في ارتفاع الأسعار من قِبل شركة أدنوك.

وقال “محمد محمود”إنهم يعرفون بارتفاع الأسعار بشكل خيالي في سقطرى. موضحاً أن “السياح الذي يزورن الجزيرة من مختلف دول العالم يستغربون من الارتفاع الجنوني في الأسعار”.

وحول الحلول قال راضي أحمد وهو موظف في وزارة الصناعة والتجارة التابعة للحكومة اليمنية إن الحل يكون “بداية في دخول مؤسسات الدولة كمنافس لشركة أدنوك ما سيجبرهم في النهاية على الرحيل مع تعاظم خسائرهم”.

لكن تحقيق ذلك يبدو صعباً من وجهة نظر “نوح” المسؤول المحلي في حديبو الذي أشار إلى سيطرة الإمارات عبر المجلس الانتقالي على المحافظة والتحكم بها. كما أن المسؤولين الحكوميين في شركة النفط أكدوا الرغبة والقدرة على التنافس لكن “اقتحام مقر الشركة في عدن وجه رسالة واضحة”

وقال المسؤولين في شركة النفط إنه وقبل “كل شيء يجب أن تفرض السلطة الحكومية الأمن والاستقرار قبل أن نقوم بإجراءات تعرض موظفينا للخطر”.

المسؤولون التابعون للمجلس الانتقالي في محافظة سقطرى الذين تحدثوا لـ”قشن برس” نفوا تدخلهم في فرض الشركة الإماراتية على السكان أو منع المنافسين بما في ذلك شركة “العيسي”.

وقال مسؤول في مكتب إعلام المجلس الانتقالي لـ”قشن برس”: محطة العيسي جاءت إلى الجزيرة بباخرة في شهر يونيو/حزيران محملة بالوقود “ديزل وبترول” وأفرغت نصف الحمولة وبعدها وعادت إلى محافظة المهرة لمعالجة خلل فني وبعد أن وصلت هناك حل موسم الرياح وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عادت إلى الجزيرة وأفرغت حمولتها المتبقية.

لافتاً إلى أن الحمولة “تم إفراغها على الرغم من أن خزاني الباخرة من البترول والديزل قد اختلطوا”.

وأكد ذلك موظف في محطة العيسي وقال: إن سبب إغلاق المحطة كان بسبب اختلاط مادة البترول والديزل مع بعض في خزانات واحدة مما سبب ذلك خلل لكل سيارة تزودت بالبنزين من المحطة.

ونفى أن تكون “أدنوك” تحركت بصفة رسمية لوقف عمل المحطة. مضيفاً أن هناك: تحركات شبه إماراتية من قبل شخصيات موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على المحافظة يسعى إلى إيقاف نشاط المحطة بما يساعد في إبراز محطة أدنوك”.

https://almashhadalaraby.com/news/289400

هل ينقذ نفط الإمارات جزيرة سقطرى؟! (انفوجرافيك)

معاناة أخرى

لا تقتصر معاناة سكان سقطرى على “الغاز المنزلي والبنزين” الذي تبيعه الإمارات بأسعار مضاعفة، بل إن المحافظة تعاني من غياب معظم الخدمات الأساسية.

وقال سعيد محمد “هناك غلاء فاحش يفاقم معاناة المواطن في سقطرى”. لافتا في الوقت ذاته إلى أن بعد المحافظة الجغرافي عن اليابسة ونقل المواد البضائع عبر البحر إلى سقطرى يساهم في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

ودعا سعيد الحكومة المعترف بها دولياً إلى أن “ينظروا إلى الأوضاع التي تعانيها المحافظة ويتحملون مسؤولياتهم بتوفير الخدمات الأساسية للمواطن بأسعار معقولة”.

وقال الشيخ القبلي “الفهنة”: مثلا المواد الغذائية التي يتم توفيرها في الدكاكين من حضرموت ومن الإمارات داخل المدينة أسعارها باهظة، ونحن بلا رواتب، الراتب بعد ثلاثة أشهر خمسة أشهر يجئنا راتب واحد من حق الشرعية.

وأشار إلى أنه “رغم أننا نشتري المواد من السوبر ماركت بمالنا إلا أن البيع لا يتم إلا بعد توقيعنا على ما اشترينا في ورقة الشراء دون أن نعرف السبب”.

داعياً إلى إرسال لجنة حكومية إلى سقطرى لتحقيق في ذلك.

وانضم الشيخ القبلي إلى “سعيد” وعديد من السكان الذين قابلهم “قشن برس” الحكومة المعترف بها دوليا إلى التدخل وتوفير الخدمات الأساسية للأرخبيل.

ولفتوا إلى أن الأسعار في سقطرى لم تتراجع، وقال “الفهنة”: هناك تخفيض للأسعار في حضرموت وفي المهرة وشبوة ونحن في سقطرى أين نروح لمن نشتكي ما عندنا سوى رب العالمين.

وإذا ما تم تجاهل معالجة الأوضاع في سقطرى، فسيطول انتظار الصياد “أحمد سالم” للعودة إلى سابق عهده في الصيد، فارتفاع أسعار المشتقات النفطية “يرهقه ويرهق عائلته وعشرات الصيادين الذين يعرفهم” إلى جانب مشاكل أخرى.

فيما يقول محمد السقطرى إن “انتشار المعلومات المضللة وغياب الحقائق، يؤثر على طرق المعالجة وربما يحجب أي جهود حكومية أو مجتمعية من المغتربين خارج الجزيرة للمساعدة في حلها”.

*بودكاست: هل حقاً ينقذ بترول الإمارات أرخبيل سقطرى؟

اترك تعليقا