قشن برس-خاص
بنظارة طبية، ووجه تملؤوه الإبتسامة، متطلعاً إلى مستقبله الذي سعى كثيراً من أجله، استطاع المهندس سهيل جمعان سعد مصدع، أن ينضم مؤخراً إلى فريق الباحثين المتميزين علمياً في جامعة حضرموت.
المكانة العلمية التي حصل عليها الشاب المهري في جامعة حضرموت ليست الأولى، فهناك جوائز مرموقة حصدها خلال العامين الماضيين.
سلك الشاب سهيل طريقا صعبا خلال كافة المراحل التعليمية، مواجهاً جملة من التحديات، والمعاناة التي كادت أن تحول دون وصوله إلى مرتبة أعمدة الفيزياء وتبوؤه مراتب عليا في البحث العلمي.
في العام 2003 حصل سهيل على شهادة الثانوية بمديرية حوف، التابعة لمحافظة المهرة شرقي اليمن، المحافظة التي كانت تعاني خلال عقود طويلة من العزلة والتهميش.
لم يلتفت الشاب الطموح لكل الاحباطات التي تعترض طريقه، وبعد مرور عام على تخرجه من الثانوية العامة سافر إلى المملكة الأردنية الهاشمية وهناك حصد الكثير من المؤهلات العلمية، وكان أول حصوله على دبلوم نظم معلومات حاسوبية من كلية الحاسوب جامعة اليرموك اربد ٢٠٠٨م، وفي نفس العام حصل حاز على درجة البكالوريوس في الفيزياء من كلية العلوم بجامعة اليرموك.
واصل سهيل مشواره التعليمي حتى نال درجة الماجستير في العام 2012 من نفس الجامعة الأردنية.
وبعد عامين من التوقف حصل الشاب سهيل مصدع على منحه دكتوراه إلى دولة ألمانيا سنة ٢٠١٥م في علوم الفيزياء، وهناك أمضى عاما كاملا يشق طريقه إلى المجد ونيل الدرجات العليا.
كانت مرحلة الدكتوراه الأكثر معاناة بالنسبة لسهيل، ففي العام 2015 دخلت بلاده اليمن في حرب عنيفة، توقفت على أثرها جميع مستحقات الطلاب المبتعثين إلى الخارج وجميع موظفي مؤسسات الدولة داخل البلاد.
بذل سهيل كل مجهوده من أجل مواصلة مشواره التعليمي معتمد على الصرف من حسابه الخاص الذي لم يصمد سوى ثمانية أشهر حتى أعلن الإفلاس.
وصل حينها إلى طريق مسدود وانقطعت به السبل، فكان لزاما عليه العودة إلى أرض الوطن والتخطيط من جديد لمواصلة دراساته العليا.
وبعد عودته إلى محافظة المهرة بذل الكثير من الجهود حتى حصل على دعم من السلطة المحلية، لكنه رفض المواصلة في المانيا وقرر البحث عن دولة أخرى تتناسب مع ظروفه المادية والتعليم فيها متميز فكانت الهند وجهته القادمة.
أخترت الهند لوجود التخصص الذي أرغب بمواصلة دراستي حوله فيها، بالإضافة إلى أن الحياة المعيشية فيها أرخص من ألمانيا، لكن دخول دولة الهند كان حينها اشبه بالمستحيل بسبب الأوضاع المتردية في اليمن ٢٠١٦م.
كان يمتلك إصرار كبير فقرر التحدي وسافر إلى دولة السودان، ثم إلى اديس ابابا العاصمة الإثيوبية ثم جيبوتي، وبعدها استطاع الوصول إلى دولة الهند لإكمال ما تبقى من المشوار التعليمي هناك.
وبعد سنوات من الجد والاجتهاد، تمكن في الهند من حصد جائزة “العالم الشاب في العلوم” بعد اكتمال الشروط على مجموعة من بحوثه العلمية في الفيزياء الكونية.
وحصل على الجائزة بعد ان قدم مجموعة 11 بحثاً علمياً في الفيزياء الكونية، نشرت معظمها في المجلات العلمية المرموقة في الهند ودول أخرى، وبناء على اكتمال معايير البحث الدقيقة على البحوث المقدمة حصل على الجائزة بجدارة.
وجرى تكريم الباحث مصدّع الخميس في 27 أغسطس من العام 2020 ، في حفل رسمي برعاية المؤسسات العلمية التي ترعى تنظيم الجائزة سنوياً.
كما قررت الجهة المانحة للجائزة حينها تصنيف الباحث سهيل مصدع ضمن مجموعة من أفضل الباحثين الشباب في خلال 2020، بعد ستة أشهر من التدقيق والتفحّص العلمي للجنة العلمية.
وتعد الجائزة من أهم الجوائز العالمية في المجال العلمي والتي تمنح للباحث في العلوم المختلفة، حيث تخضع البحوث والدراسات المقدمة لفحص ومراجعة دقيقة لمدة ستة أشهر تنتهي لإصدار التقييم وإحالة البحوث المجازة للتنفيذ.
وفي السابع عشر من شهر يونيو 2021 حصل الباحث سهيل على درجة الدكتوراه في الفيزياء الفلكية بامتياز من جامعة د. بامو الهندية بمدينة أورانج آباد.
وحصل على درجة الدكتوراه نظير رسالته الموسومة ب “الحلول الطيفية والضوئية لأنظمة كونية شابة قريبة من بعضها ظاهريًا باستخدام نمذجة الغلاف الجوي”
وعلى المستوى المحلي حصد بمفرده جائزة النشر العلمي في جامعة حضرموت ٢٠١٨م من اعضاء هيئة التدريس بكلية التربية المهرة من قبل رئاسة جامعة حضرموت وعمادة البحث العلمي في المكلا.
وفي 14 أكتوبر من العام 2020 حظي سهيل جمعان مصدع بحفل تكريمي من صندوق التنمية البشرية بمحافظة المهرة بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراة في الفيزياء ونيله جائزة العالم للشباب والعلوم.
وفي التاسع عشر من شهر يناير من العام 2022 حصل على الترتيب التاسع ضمن أفضل الباحثين المتميزين علمياً في جامعة حضرموت، من أصل 18 باحثاً وعالماً بجميع كليات الجامعة.
وتم تصنيف هؤلا الباحثين كالأصل علمياً ليس فقط على مستوى جامعة حضرموت بل على مستوى اليمن والعالم في إنجاز علمي جديد يحققه الدكتور سهيل مصدع تفخر به محافظة المهرة واليمن عموماً.
وأكد مصدع أن تحقيق هذا الإنجاز العلمي الجديد جاء بعد جهد كبير، داعياً قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ورئاسة جامعة حضرموت إلى الاهتمام بهؤلاء الباحثين قبل أن يرحلوا ويهاجروا.