“البيئة في سقطرى”…نزاعات مسلحة وأطماع إقليمية تهدد طبيعتها البكر وتنوعها الحيوي الفريد

قشن برس- تقرير خاص

تعد محافظة أرخبيل سقطرى أحد أبرز الأماكن الفريدة بتنوعها البيئي، وهي واحدة من أهم أربع جزر في العالم من حيث التنوع الحيوي النباتي، واعتبارها موطناً لآلاف النباتات والحيوانات والطيور المستوطنة.

وساعد الموقع البعيد للجزيرة في الحفاظ على صورتها البيئية الفريدة وحمايتها من الكثير من الدمار الذي خلفته الحرب بمحافظات اليمن الأخرى منذ عام 2015.

وبالرغم من احتفال العالم باليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية والذي صادف يوم 6 من شهر نوفمبر الجاري إلا أن الجزيرة العالمية وأحد أهم مواقع التراث العالمية لم تحتفل بسبب التحديات التي تهدد طبيعتها البكر والأنواع الأيقونية في الموقع، فضلاً عن حياة المجتمعات المحلية التي تعتمد عليها”.

وبعد تعرض جزيرة سقطرى لإعصاري شابالا وميج، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، سارعت الإمارات إلى استغلال ذلك لإيجاد موطئ قدم لها في الجزيرة، والتي باشرت الدخول للجزيرة من بوابة الأعمال غير الحكومية ومشاريع الإغاثة الإنسانية. وتباعاً لذلك، بدأت الانشاءات غير الخاضعة للرقابة.

استدعى الأمر قيام لجنة التراث العالمي” WHC” بمنظمة اليونسكو، بمخاطبة الجهات المسؤولة عن جزيرة سقطرى في حكومة هادي، وحذرت من خطورة التهديدات التي تتعرض لها الأرخبيل .

واقترحت لجنة التراث في مذكرتها المرسلة الى الهيئة العامة لحماية البيئة في العام 2016، إرسال بعثة خبراء إلى جزيرة سقطرى، لتقييم التهديدات التي يتعرض لها الموقع، ومن أجل اتخاذ خطوات لدعم الطرف اليمني من أجل تحديد أولويات أنشطة إعادة التأهيل والإدارة المستدامة.

جرائم بيئية 

وبحسب الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، فإن اللوجستيات الأمنية في سقطرى حالت دون تنفيذ هذه المهمة لإرسال بعثة لتقييم الوضع في سقطرى، وظلت المخاوف تتسع بشأن التهديدات التي تتعرض لها الجزيرة.

وقال روفوس كالديكوت ، محلل العمليات في شركة بلاكستون للاستشارات ، لموقع بيزنس ديستيشنز: ” إن عزلة [سقطرى] كانت بالتأكيد نعمة مقنعة ، ومع ذلك ، منذ عام 2018 ، بدأت القوات الإماراتية في تحقيق تقدم كبير في الجزيرة ، حيث زودت السكان بالتمويل للبنية التحتية والوعود بالرعاية الصحية المجانية من أجل جعل بناء قاعدة عسكرية أكثر قبولا.

ولم تُقابل تصرفات الإمارات العربية المتحدة باحتجاج شرس من بعض سكان سقطرى فحسب، بل إنها تخاطر بإلحاق المزيد من الضرر بما هي بالفعل علاقات هشة للغاية في الشرق الأوسط.

وتشير التقارير البيئية إلى أن الجزيرة تعرضت لمجموعة من الجرائم البيئية، ما بين الصيد الجائر، وعمليات الاتجار غير المشروع بالأنواع المتوطنة، وزيادة النفايات، والعبث بالنسيج الطبيعي والثقافي، مما يشكل تهديدا للنظام البيئي للأرخبيل ، مستنداً على عدد من الوثائق الرسمية والتقارير الدولية، التي تكشف أجزاء من الحقائق والأحداث المتسلسلة لما حدث ويحدث في سقطرى.

تنافس سعودي إماراتي

وإلى جانب الوجود العسكري للإمارات فقد كانت سقطرى على موعد مع توسع سعودي يهدد نظامها البيئي ويساهم في تدمير تنوعها الحيوي الفريد

وباشرت السعودية، من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، تنفيذ مشاريع إنسانية من أجل ضمان ولاء سكان الجزيرة بهدف الحصول على موطئ قدم هناك.

وباتت المنافسة بين السعوديين والإماراتيين باتت واضحة للعيان، وهو الأمر الذي أدى إلى حالة من الاستقطاب داخل الجزيرة، ومن نتائج هذه المنافسة أن وصل الأمر بكلا البلدَين إلى تمويل مشاريع في مناطق نائية، ونشر لوحات المشاريع مع أعلام البلدين في معظم مناطق الجزيرة، مع العلم أن بعض هذه المشاريع متناهية الصغر أو تتعلق بمشاريع لم تُنفذ بعد.

وكتبت مؤلفة دليل سقطرى الإرشادي هيلاري برادت في نوفمبر من العام 2020 أن الجزيرة تعيش في وضع سياسي غير مستقر فقد كان ذلك واضحا من خلال عدد أعلام الإمارات المرسومة على الصخور أو المرفوعة فوق المستوطنات.

وأفادت: إضافة لذلك؛ وصلت رسائل ترحيب إلى هواتفنا “مرحبًا بكم في المملكة العربية السعودية ” عندما مررنا قرب بعض المواقع العسكرية.

وأشارت: نعم… إن جزيرة سقطرى جزء من اليمن، لكن موقعها الاستراتيجي على طريق الشحن الدولي بين شبه الجزيرة العربية والهند يجعلها ضمن طموحات وأطماع قوى إقليمية.

وأضافت: أدى الانقلاب الذي نفذته القوات المدعومة من الإمارات في يونيو من العام 2020  إلى تغيير موازين القوى، وتم تجاهل اللوائح التي يُفترض أنها تحمي التراث الطبيعي والثقافي الفريد للجزيرة.

وتابعت: كما ألحق البناء العشوائي أضرارا بالمواقع المعرضة للخطر، ونُهبت نباتات نادرة. كنا نعتقد أن كتابنا الإرشادي يمكن أن يساعد من خلال رفع صورة سقطرى، وجعلها أكبر في نظر الجمهور.

الإمارات تهدد نظام سقطرى البيئي

ويذهب الخبير في التراث السقطري أحمد الرميلي إلى أن الصراعات لها أثر على كل شيء ومنها البيئة بلا شك.

وقال في تصريح لـ “قشن برس”:من التأثيرات أن خبراء البيئة لم يستطيعوا زيارة سقطرى لدراستها وزيادة النتاج العلمي في كل جوانب الطبيعية، لا سيما إن هناك أنواع جديدة لم يتم اكتشافها في النبات والطيور والزواحف والحشرات.

وأضاف: من تداعيات الحرب فقدان المراقبة من الجهات المختصة؛ ما جعل المتنفذين يسطون على أماكن محظورة منها المحميات والسواحل.

ويرى أن المتنفذين وأصحاب المصالح الضيقة وهواة المال يقفون وراء التدمير الممنهج الذي يطال محمية الأرخبيل الفريدة.

وحول التأثيرات التي خلفها الوجود السعودي الإماراتي في سقطرى يؤكد الرميلي: أنه بلا شك ساهم وجود الرياض وأبوظبي في تدمير البيئة في الأرخبيل مستدلا بتقارير دولية تتهم الإمارات بوضع نظام الجزيرة البيئي في قائمة الخطر، وكادت أن توضع سقطرى في قائمة الخطر بمنظمة اليونسكو لهذا السبب.

وحول صمت اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية عن المخاطر التي تهدد أحد أهم مواقع التراث العالمية، أفاد الرميلي” لا نستطيع أن نقول أنها التزمت الصمت لأن هناك تقارير من خبراء دوليين ومنظمات دولية تتحدث عن هذا الخطر”.

وأشار إلى أن هناك تحركات دولية في هذا الاتجاه. مضيفا”لجنة اليونسكو التي كان من المفترض أن تصل سقطرى منذ فترة عرقلت وصولها الإمارات، وافتعلت لذلك العديد من الأسباب حتى لا يتم اكتشاف الحقيقة”.

وقال الرميلي: كما لا نستطيع تبرئة اليونسكو من التواطؤ لأنه يقال أن منظمة اليونسكو مخترقة سياسيا وهناك املاءات تفرض عليها من بعض الدول التي تدفع أموالا طائلة للوصاية على اليونسكو.

اترك تعليقا