نساء سقطرى يتفوقن على الرجال ويشتغلن بالزراعة في منازلهن للعيش

تغادر أم محمد باكرا منزلها -الكائن في منطقة سوق في ضواحي حديبو- نحو السوق العام لبيع منتوجاتها الزراعية؛ فليس لديها راتب حكومي أو خاص تعتمد عليه. وبعدما تبيع منتجاتها بالسوق العام الواقع في قلب عاصمة أرخبيل سقطرى (شرقي اليمن)، تعود ظهرا إلى منزلها وتقوم بري المزروعات في حديقتها المحاطة بسور منزلها.

وتعتمد أم محمد منذ 15عاما على زراعة بعض المحاصيل وبيعها في السوق العام من أجل العيش، وهي واحدة من السقطريات اللائي وجدن من أسوار منازلهن طوق نجاة للبقاء في بلد يحاصره الفقر والمجاعة، بيد أن انعدام الاهتمام بالمزارعات وتقديم الدعم لهن فاقم من حجم ما يواجهنه من مصاعب تتعلق بالبذور والحشرات والشباك الحديدية للحفاظ على المحاصيل من التلف.

زراعة المحاصيل -عند أم محمد- ليست بالأمر اليسير، فهي تحتاج إلى جهد ووقت ورعاية حتى لا يتعرض المحصول للتلف بسبب الحشرات والحيوانات السائبة التي تسبب خسارة المنتج الزراعي قبل موعده، ويتراوح مقدار ما تكسبه أم محمد من بيع محصول الطماطم وبعض البقوليات في السوق العام بحديبو من 7 إلى 15 دولارا يوميا، ويساعدها هذا المبلغ في توفير أغراض منزلها واحتياجات أسرتها.

انعدام الإحصاء الزراعي

ويفتقر أرخبيل سقطرى إلى إحصاء يوضح حجم المساحة الإجمالية للزراعة فيها، ويرجع مدير مكتب الزراعة بالعاصمة حديبو، عبد الباسط السقطري، صعوبة تحديد مساحة الحيازات الزراعية إلى أن الزراعة يعدها البعض هواية، والبعض الآخر يعتمد عليها مصدرا للدخل، ولذا أغلبية أنشطة الزراعة تكون في حدائق منزلية.

يقول السقطري: “الزراعة تأخذ حيزا واهتماما أكبر عند النساء مقارنة بالرجال، كونها تدر دخلا لتلك الأسر، وتعد النساء صاحبات الفضل الأكبر في عملية الاهتمام بالزراعة مقارنة بالرجال، مع مساعدة العائلة للنساء المزارعات في أثناء عملية تهيئة التربة والزراعة”.

ويوضح السقطري أن الطماطم والبصل والبطيخ والبسباس والجوافة والدخن من أهم المحاصيل الزراعية في الأرخبيل، بيد أن أنشطة الزراعة لم ترتق لمستوى المهنة أو الاعتماد الكلي عليها من قبل المزارعين، وذلك لافتقارها إلى التدخلات المناسبة من الجهات الحكومية أو المنظمات الدولية بالرغم من وجود المنتج المحلي لبعض المحاصيل.

وتقدر وزارة الزراعة اليمنية -في تقرير إحصائي أخير- إنتاج اليمن من محصول الخضروات بنحو 830 ألف طن، في حين بلغ الإنتاج من محصول الفواكه نحو 808 آلاف طن.

غياب التشجيع وارتفاع أسعار المشتقات النفطية

وبحسب المزارعة شيخه سقاف، فإن غياب الدعم والتشجيع -في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية- أسهم في تراجع حجم الزارعات في الأرخبيل، كون عملية ري الحدائق الزراعية تتم عبر مضخات مائية تتطلب إمكانات مادية، وهذه الإمكانيات غير مستقرة بسبب تدهور العملة وغلاء المشتقات الذي يتصاعد بسبب تهاوي العملة. وتساعد الأسرة جميعها المزارعة شيخه في تهيئة التربة وزراعتها وريها، كما تساعدها في التسويق والبيع في السوق إذ يقوم أولادها بهذه المهمة عندما تنشغل هي بأمور المنزل.

تأثير الحرب على العمالة النسائية

الحرب الدائرة في اليمن منذ مارس/آذار 2015 أثرت على القوة العاملة من فئة النساء أكثر من الرجال، إذ انخفضت عمالة الذكور بنسبة 11%، في حين انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28%.

وتقول منظمة العمل الدولية في إحصاء أجرته قبل اندلاع الحرب إن من بين 293 ألف امرأة تم توظيفهن قبل الصراع كان نحو نصفهن يعملن في قطاع الزراعة، إما في إنتاج الألبان أو تربية الحيوانات أو زراعة المحاصيل، بينما كان ثلثهن يعملن في قطاع الخدمات. وأظهر الإحصاء أن نسبة 62.1% من النساء الحاصلات على تعليم جامعي يشكلن جزءا من القوى العاملة في اليمن، مقارنة بنسبة 4.5% فقط من الحاصلات على تعليم ابتدائي أو أقل.

المصدر: الجزيرة

اترك تعليقا