“زارتها معلمة وعادت إليها نازحة”.. “أحلام” تنقل آمالها من نار “حرب الحديدة” إلى “جنّة سقطرى” الطيبة

قشن برس- من عفاف سيف

كانت الحرب على أشدها عندما قررت أحلام عباس سيف النزوح من مدينتها الحديدة إلى جزيرة سقطرى، بحثا عن الأمن والسلام، على الرغم من السفر الطويل ومخاطره في البر والبحر.

لم يكن قرار أحلام بالنزوح إلى الجزيرة المعزولة عن العالم من قبيل الصدفة، بل كانت على دراية مسبقة بالجزيرة، فقد سافرت إلى سقطرى في رحلة عمل قبل الحرب، وعرفت عن قرب طيبة الإنسان السقطري وحسن تعامله.

كانت أحلام تعمل مستشارة في الصندوق الاجتماعي بمدينة الحديدة، في مجال الحرف اليدوية، وتنعم بحياة آمنة ومستقرة قبل اندلاع الحرب.

حصلت على تكليف من الصندوق بالنزول إلى محافظة سقطرى لتدريب النساء هناك على بعض الحرف اليدوية، وبعد أن أكملت تدريبها عادت نحو مدينة الحديدة حيث تسكن أسرتها وناسها.

عقب عودتها بفترة ليست طويلة بدأت الحرب تغير المدن اليمنية إلى مدن أشباح، وأنهكت إنسانها، وأحلام مثل غيرها من العائلات والأسر اليمنية تشكو ضيق الحال وتوقف الأعمال واقتراب شبح الجوع.

تذكرت المرأة الصبورة رحلتها تلك إلى سقطرى وطريقة الاستقبال والاحتفاء التي حظيت بها من قبل السكان، فقررت الرحيل إلى الأرخبيل حيث يتوفر الأمن والسلام ويحترم فيه الإنسان.

وصلت أحلام إلى الجزيرة بعد رحل طويلة ومخاطر كبيرة. تقول: “بدأت أبحث عن عمل لتحسين وضعنا وتأمين احتياجات أسرتي؛ لأن أسعار المواد الغذائية في الجزيرة مرتفعة مقارنة بباقي المحافظات”.

أفادت أحلام في حديثها لـ “قشن برس” أنها -وبعد رحلة بحث مضنية- حصلت على وظيفة “سكرتارية” في مكتب التربية لمدة عامين، لكن الراتب الذي كانت تتقاضاه قليل، ولا يفي باحتياجات أسرتها.

قررت ترك عملها بمكتب التربية واتجهت نحو الرجوع إلى مجال هوايتها الأول في صناعة الحرف اليدوية، وقررت إنشاء مشروعها الخاص في هذا المجال، وحظيت بتشجيع من زوجها وجميع أفراد عائلتها.

تتقن أحلام الكثير من المهارات فهي تصنع العطور والبخور، ولديها القدرة على النحت والزخرفة وصناعة منتجات من سعف النخيل، والكثير من الإبداعات، لكن غلاء العقارات، وعدم حصولها على محل أعاق الكثير من طموحاتها.

لم تستسلم أحلام لعراقيل الغلاء، فقررت عرض منتجاتها في السوق داخل سيارتها، واستطاعت توفير احتياجاتها، وتفاجأ السكان بطريقتها الاحترافية في صناعة البخور والعطور.

لكن المعوقات مازالت تواجه أحلام، فارتفاع أسعار المواد الخام التي تحتاج إليها في عملها تدفعها نحو رفع أسعار منتجاتها، ما يؤدي إلى عزوف بعض الناس عن الشراء بسبب الغلاء.

استطاعت أحلام كسر نظرة المجتمع إلى المرأة، كونها أول مرأة تحدت العادات والتقاليد، وخرجت إلى السوق للبحث عن رزقها، على الرغم من الأسئلة المتكررة عن سبب خروجها للعمل، وأين زوجها.؟ ولماذا لم يقُم بالمهمة بدلا عنها.؟… لكنها كما تقول لم تعِر أحداً أي اهتمام، وظلت تعمل في المكان حتى تعوّد الناس عليها.

تؤكد أحلام بأنه يجب على المرأة التي تملك مهارة أو حرفة أن تستغلها وتعمل بها وتبدع، وأن لا تجعل أحداً يتحكم بالنعمة التي منحها الله إياها، وأن المرأة الناجحة في تستطيع أن تحسن من حياتها وعائلتها في أي مجال، وتساعد المجتمع بأن يكون أفضل. مختتمة حديثها بالقول إن: “المجتمعات الناجحة تشجع المرأة على العمل، لا أن تحطم أحلامها”.

اترك تعليقا