عالقو سقطرى بين أوجاع الضياع في البحر وآمال العودة إلى الديار

قشن برس-تقرير خاص

أنا عالق وأخشى أن يتكرر معي سيناريو ركاب سفينة المنار وظلمة البحار، هكذا كان يردد رئيس الحراك الثوري في أرخبيل “سقطرى” محمد سعيد الريشي” خارج فندق البرج بمدينة الغيضة عاصمة محافظة “المهرة عقب اقلاع الطائرة العسكرية السعودية التي اكتفت بإجلاء ركاب سفينة المنار المفقودة إلى أرخبيل “سقطرى”.

“الريشي” البالغ من العمر 35 سنة وأب لطفلين دفعته ظروف المرض إلى المغادرة من أرخبيل سقطرى لتلقي العلاج في أحد مستشفيات المكلا عاصمة محافظة “حضرموت” شرقي اليمن منذُ أكثر من عام.

هو ضمن العشرات من أبناء الأرخبيل العالقين في عدد من المحافظات من بينها محافظتي “عدن” وحضرموت”، معظمهم تقطعت بهم السبل بعد عودتهم من رحلة علاجية أو طلاب يدرسون في جامعات البلاد المختلفة.

وفي صباح الـ 28 من شهر مايو الماضي، فتح “الريشي” حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، فوجد منشورا لوزير الثروة السمكية “فهد كفاين” يبشر فيه بالعثور على السفينة المفقودة وكل ركابها بخير وخلال الساعات القادمة تصل إلى مدينة الغيضة.

قرر الريشي في صباح اليوم الثاني الاتجاه نحو محافظة “المهرة” الحدودية مع محافظة “حضرموت”، وبعد حوالي عشر ساعات وصل محمد ومجموعة من أبناء الأرخبيل إلى مدينة الغيضة لاستقبال أبناء محافظتهم المفقودين في عرض البحر منذُ أواخر شهر رمضان ومشاركتهم فرحة النجاة من الموت.

ترحيب كبير واستقبال واسع حظي به ركاب السفينة المفقودة من قبل أبناء المهرة ومحافظها “محمد علي ياسر” الذي تكفل بدفع تكاليف مسكنهم في فندق البرج بمدينة الغيضة، بينما رجع محمد الريشي إلى غرفته في فندق “البرج” ولا أحد يعرف عن معاناته شيء وقصته لم تتداولها وسائل الاعلام حتى يحظى بلفتة إنسانية تسد عنه تكاليف الإيجارات المرتفعة بفنادق مدينة الغيضة.

كان محمد يتابع كل جديد حول قضية ركاب السفينة المفقودة، فوجد خبرا يتحدث عن طائرة سعودية ستأتي إلى مطار الغيضة لنقل ركاب سفينة المنار بطلب من محافظ المهرة “محمد علي ياسر”.

يقول “الريشي” في حديثه لـ “قشن برس” إن أكثر من 60 عالقا من أبناء سقطرى من ضمنهم أطفال ونساء وشيوخ كبار استبشروا بقدوم الطائرة العسكرية السعودية، ورفعوا أسمائهم إلى منسق الجزيرة “أيمن سالم حواش”، المكلف بتفقد أبناء الجزيرة العالقين خارج الأرخبيل.

وبحسب الريشي تم الاقتراح على المنسق بإضافة 60 اسما إلى قائمة ركاب السفينة الذين يبلغ عددهم 19 شخصا ونقل الجميع عبر الطائرة السعودية التي تتسع لأكثر من 100 راكب.

يتابع أنه بعد رفع الأسماء المكونة من 60 شخصا من أصل 80 متواجدين بالغيضة، وقبل الرحلة بيوم وصل الرد من المنسق “حواش” بعدم قبول التحالف بنقل غير ركاب السفينة المفقودة.

يواصل “الريشي” أن الجميع لم ييأسوا وقرروا الحضور إلى بوابة المطار صباح يوم الإثنين الماضي في الثاني من شهر  يونيو الجاري من أجل التفاوض مع التحالف والوصول إلى حل لنقلهم عبر الطائرة ذاتها”.

“لكن حضور النساء والأطفال والشيوخ الكبار إلى بوابة المطار كما يقول “الريشي” لم تحرك الجانب الإنساني لدى المسؤول السعودي الذي لم يأت لنقل ركاب السفينة المفقودة من أجل الإنسان السقطري وإنما من أجل الاستهلاك الإعلامي.

غادرت الطائرة و60 شخصا من أبناء الأرخبيل يقفون عند بوابة المطار، والجميع كان يحلم بالعودة إلى الديار لكن ذلك لم يحصل.

يذهب “الريشي”  في حديثه إلى أن العوائل والمرضى والطلاب اتجهوا بعدها إلى مناطق بعيدة من مدينة الغيضة للبحث عن مخيمات أو بيوت أسعار الايجار فيها منخفض للمكوث هناك، والانتظار حتى تأتي لحظة الفرج ويعود الجميع إلى أسرهم وقراهم ليعيشوا في ظلها بسلام.

مشيرا إلى أن المناشدات مستمرة من قبل العالقين وينتظرون الرد من السلطات المحلية أو التحالف لإجلائهم من المهرة إلى أرخبيل سقطرى.

وفي إطار حديثه يتساءل “الريشي” عن سبب إغلاق المطارات ومحاصرة سقطرى البعيدة عن الحرب، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الطلاب والمرضى يضطرون للسفر عبر البحر وفيه يواجهون مخاوف كبيرة مستشهدا بالمثل الذي يقول ” البحر من دخلها مفقود ومن خرج منها مولود”.

وأوضح أن معظم من يسافرون من الأرخبيل منذُ أكثر من خمس سنوات أجبرتهم الظروف والحاجة منهم الطلاب ومنهم المرضى ومنهم التجار ولن تجد من يسافر للتنزه أو لأي شيئ آخر لأنهم يعرفون ما معنى السفر عبر البحر ونتائجه الكارثية.

ويفيد الناشط الريشي أننا لا زلنا منذُ فقدان السفينة التي غرقت قبل حوالي ثلاث سنوات نناشد لتوفير مراكب نقل آمنة عبر البحر أو فتح المطارات، مؤكدا أن جميع العالقين في المحافظات وخاصة بالمهرة رفعوا معاناتهم إلى السلطة والسلطة هي الأخرى فتحت القضية مع التحالف لكن الأخير يتجاهل قضيتنا وأوضاعنا المأساوية.

 

 

 

اترك تعليقا