جامع علها الأثري.. أطلال باقية تشهد على عراقة أشهر مساجد سقطرى

قشن برس – خاص

يعد جامع “علها”، من أهم المساجد الأثرية في أرخبيل سقطرى، والذي تعرض خلال الفترة الماضية إلى الانهيار، ولم يبق منه سوى الأطلال الشاهدة على هذا المعلم التاريخي العريق .

ويقع المسجد في قلب العاصمة القديمة لسقطرى والتي تعد حالياً أكثر المناطق احتواء  للمعالم الأثرية حيث تطل عليه قلعة حواري الأثرية من اتجاه الشرق.

كما كان المسجد مجاورا لميناء سقطرى القديم  قبل أن يطمره المكان نتيجة الانجرافات الرملية وتساقط الصخور بسبب الأمطار، حيث يروي المؤرخون أن السفن كانت تبحر الى ذلك المكان عبر بوابة الخور التي كانت تقع في منطقة “شيق” قبل غمرها بسبب عوامل الطبيعة.

وحسب المؤرخين، فقد تم بناء المسجد في عهد السلطنة العفرارية، تحديداً بفترة حكم  السلطان حمد بن عبد الله بن عفرار عام 1367هـ.
وتم بناء هذا الصرح الديني بمواد أساسية وهي الأحجار والطين إضافة إلى الأسمنت، وفي أجزاء منه تم استخدام ما تسمى النورة التي تستخدم كطلاء خارجي لتقوية الجدار.

وكان يتم ترميم المسجد في الفترات السابقة كل عام برش النورة عليه على نفقة ذهب بنت علي، زوجة السلطان حمد بن عبد الله بن عفرار، حيث كان المسجد يحظى بعناية واهتمام منها.
انهدم جزء من المسجد في عام 1972م أثناء الأمطار الغزيرة التي شهدتها سقطرى في تلك الفترة والتي مايزال يعرفها الناس باسم أمطار (ذي الربوع) حيث تسبب بتهدم المسجد في أجزائه الخلفية قبل أن تعيد ذهب بنت علي بناءه في العام نفسه.


كانت الصلاة مستمرة في هذا الجامع القديم حتى تم بناء جامع جديد في القرية قبل حوالي (15) عاما. وتوقفت الصلاة في المسجد القديم، وتعرض بعدها المسجد للإهمال، حيث كان السقف يقطر أثناء الأمطار، وبدأ بالانهيار شيئا فشيئا.

في زمن بناء المسجد كانت لا توجد مساجد في سقطرى غير مسجدين هما الجامع القديم في حديبو ومسجد في (حولف) شرقي عاصمة المحافظة.

مكونات المسجد
المسجد مكون من عدة أجزاء هي:
-المسجد الأساسي: وكان مسقوفا، ووسطه سارية (عمود)، وله بابان يربطانه بالضاحي، وثلاثة أبواب تربطه بالملحق المحراب: الذي في قبلة المسجد، وهو مخصص للإمام الذي يؤم المصلين.

-الجزء الخلفي (الملحق): الذي هو خلف المسجد الأساسي، وكان يستخدم لوضع أدوات المسجد وتحفيظ القرآن والدروس الإسلامية للأطفال، وكذلك تصلي فيه بعض النساء مثل الشيخة ذهب، ويصلي فيه الرجال عند امتلاء المسجد الأساسي، وله ثلاثة أبواب تربطه بالمسجد.

-الضاحي: يوجد في الجزء الشرقي من المسجد الأساسي، وكان يستخدم للصلاة أثناء اعتدال الجو أو في الليل، وكان غير مسقوف، وتوجد فيه البركة المائية لغرض تصفية الأرجل، وله محراب صغير في القبلة.

-الحمامات: وتوجد خلف الضاحي.

-المنارة: وتوجد بجوار الحمامات، وقد انهار بالكامل
سقف المسجد المكون من عود خشبي طويل توضع عليه من الجوانب أعواد أخرى وفوقه أخشاب ساج، ثم أخشاب مسطح، لتقوية السقف وتمكنه من تحمل وزن المواد وكلها جلبت حسب إفادة الباحثين من أفريقيا.

ويقال إن الجذع الكبير الذي يعتمد عليه سقف المسجد تم نقله على ظهر الرجال من منطقة(دشلهنيتن) المجاورة لحولف ، وكانت خلفهم فرقة من المطبلين لغرض الشد من عزمهم أثناء نقل الجذع
فوق العود الكبير أخشاب (ساج) ثم أخشاب مسطح، ثم طين.

كان الملحق أيضا مسقوفا مثل المسجد، لكنه انهار في 1972م، وأعاد سقفه جمعان بن ثابت على نفقه الشيخة ذهب بنت علي.
للمسجد منارة توجد في الجزء الخلفي منه بجهة الشمال، ويوجد داخلها درجات للصعود إلى أعلاها. وهي دائرية الشكل. وهي ثلاث أدوار، عريضة من الأسفل ثم ضيقه قليلا في الوسط، ثم ضاقت أكثر في الدور الأخير حيث كانت المنارة تستخدم للأذان.. يرتقي المؤذن من خلالها إلى أعلاها حتى يسمع صوته إلى أماكن بعيده وتوجد في أعلى المنارة أربع نوافذ صغيره لغرض خروج الصوت
وحول ماء المسجد، فقد كان يأتي من وادي (دحزافق) على بعد حوالي (5 أو 6) كم  وذلك عبر مجرى الماء الذي يجري فيه إلى بركة قريبة من المسجد، ومن البركة يسحب الماء عبر أنابيب إلى حمامات المسجد. ويقسم الماء من البركة بين المسجد وبيت السلطان والقرية.

بئر خلف المسجد

يوجد بئر خلف المسجد يتم سحب الماء منها إلى المسجد أثناء جفاف الوادي (دحزافق).. ومجرى الماء الممتد من الوادي بني بالحجارة والأسمنت، وبعض الأماكن غير المستوية يُعمل أنابيب.

يشار إلى أن معالم سقطرى الأثرية كثيرة؛ لكنها تبقى معرضة للاندثار والزوال نتيجة الإهمال، حيث تفتقر للاهتمام  والعناية وإعادة ترميم ماتدمر منها نتيجة لعوامل الطبيعة.
وسبق أن دعا ناشطون وباحثون في سقطرى إلى إعادة  بناء وترميم الأماكان الأثرية في الأرخبيل والحفاظ عليها، وتدريس الأجيال تاريخ أسلافهم ومعالم العصور السابقة.

اترك تعليقا