تقرير دولي: “سقطرى” موقع تراث عالمي تهدده مخططات النفوذ الإقليمية والصيد غير القانوني
قشن برس- ترجمة خاصة
قال مرصد الصراع والبيئة البريطاني، الثلاثاء، إن أرخبيل سقطرى تتعرض للتهديد بسبب ضغوط التنمية المتسارعة وغير المستدامة، وعدم الاستقرار السياسي، وزيادة العسكرة والصيد غير القانوني.
ويقيم المرصد في تقريره “حماية المناطق المحمية في نزاع اليمن” تأثير النزاع على خمس مناطق محمية باليمن، من خلال القيام بفحص مجموعة من الديناميكيات الأساسية ذات الصلة بالحفظ القائم على المنطقة في اليمن، وأثناء النزاعات المسلحة في أماكن أخرى.
ويقع أرخبيل سقطرى على بعد حوالي 350 كم جنوب اليمن في بحر العرب، وجزرها هي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو ، وذلك بفضل مزيجها من الحياة البرية والثقافة الفريدة.
وسقطرى جزء قاري منفصل عن إفريقيا منذ ملايين السنين، وله مستويات عالية من التوطن، وهي إحدى النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي الجزري في العالم. نتيجة لأهميتها العلمية ومكانتها الدولية، فقد كانت لعقود من الزمن أولوية بالنسبة للمانحين الدوليين ولحماية التنوع البيولوجي.
وقال التقرير: على الرغم من زيادة الاستقلال الإداري لسقطرى في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت محافظة في عام 2013، لكنها لم تعد تدار من البر الرئيسي، بسبب تأثرها بالسياسات المحلية والإقليمية للصراع.
ووفقا للمرصد الأممي: تصاعدت الأمور في عام 2018 عندما واجهت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا الإمارات، التي كانت توسع نفوذها في سقطرى منذ عدة سنوات.
وأكد أن دولة الإمارات ترى في الأرخبيل فرصة للتنمية السياحية، وفي جزء آخر تعتبرها حاملة لمخططاتها الاستراتيجية، بالإضافة إلى أنها توسع دعمها الإقليمي للجزيرة بهدف السيطرة على الشحن وطرق التجارة.
وأشار التقرير إلى أن سياسة الإمارات الأمنية تضمنت احتلال جزيرة ميون في مضيق باب المندب، وتطوير قاعدة جوية هناك.
وأضاف: على غرار استراتيجيتهم الأوسع لجنوب اليمن، سعى السعوديون أيضًا إلى تعزيز نفوذهم في سقطرى، من خلال المساعدة الإنمائية والتدخلات السياسية.
وفي أعقاب اضطرابات سياسية متزايدة، في يونيو 2020، أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات سيطرته الكاملة على الجزيرة.
وبين المرصد أن تزايد عدم الاستقرار السياسي، ومخططات الإمارات والسعودية، والحوكمة الضعيفة، والأعاصير المتكررة، والعزلة عن الخبرات والبرامج الدولية في مجال الحفظ، تضع التنوع البيولوجي الفريد في سقطرى تحت الضغط.
تأثير خارجي
وأوضح أن التوترات كانت حاضرة منذ فترة طويلة حول المدى الذي يحدده الغرباء لتنمية سقطرى، مع اعتراض البعض على لوائح الحفظ التي يتم فرضها نتيجة لوضعها في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وأفاد أنه مع استمرار الصراع، تغير تركيز اليونسكو من تنفيذ اللوائح الاستراتيجية إلى أحد الاستجابات لحالات الطوارئ.
وتابع: يتضح هذا التحول بوضوح في تبادلات اليونسكو بشأن سقطرى مع الحكومة اليمنية منذ عام 2013.
وتجدر الإشارة إلى أن اليونسكو لا تنفذ برامج على أرض الواقع، وتظل هذه مسؤولية الحكومات الوطنية.
وقال التقرير إنه في أعقاب الربيع العربي تم الاعتراف بأن اليمن كان يعاني من “فترة صعبة”، وقد أدى هذا إلى تأخير تنفيذ كل من المراسيم الحكومية الخاصة، والتي تضمنت إنشاء هيئة إدارة مستقلة لسقطرى، وتوصيات من بعثة تقصي الحقائق التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة إلى الأرخبيل في عام 2012.
ولفت المرصد إلى أنه مع تصاعد الصراع في عام 2015، تم الإعراب عن القلق بشأن ضعف سقطرى بسبب تدهور الوضع الأمني. كما لوحظ أن الحكومة فشلت في الإبلاغ عن التقدم المحرز في معالجة التهديدات التي تم تحديدها بالفعل.
وشملت هذه الأطر القانونية غير المكتملة وأنظمة الحوكمة والإدارة ومشاريع بناء الطرق والرعي الجائر والأنواع الغريبة الغازية والصيد الجائر وجمع الموارد البحرية وإدارة النفايات الصلبة.
وقال: لقد أجرينا تقييمًا عن بُعد لبناء الطرق أثناء إعداد هذا التقرير. بينما ارتفع البناء في الفترة حتى عام 2010، أشار تحليلنا إلى أن هذه المشاريع المدمرة لم تستمر بين عامي 2015 و2020.
وقال تقرير المرصد البريطاني إنه بحلول عام 2017، ظهرت مخاوف بشأن الإنفاق التنموي لدولة الإمارات. وقد تم توسيع أحد الموانئ البحرية، بدلاً من مجرد إصلاحه.
وأشار إلى أن اليونسكو كانت تطلب معلومات ليس فقط عن مشاريع التنمية ولكن أيضاً عن العمليات العسكرية المزعومة. وبعد مرور عام، استمرت القيود الأمنية في منع نشر بعثة مراقبة دولية، وكانت اليونسكو تعرب عن “قلقها البالغ” بشأن التهديدات المتعددة للقيمة العالمية الاستثنائية لسقطرى.
وأفاد: شملت هذه التطورات غير الخاضعة للرقابة، والاستخدام غير المستدام للموارد وغياب الأمن البيولوجي لمنع استيراد الأنواع الغريبة الغازية، وجرى بعدها تأكيد وجود سوسة النخيل الحمراء الغازية رسميًا في يونيو 2020. على الرغم من عدم وجود أنواع مستوطنة من النخيل في سقطرى.
وبين أن سوسة النخيل تهدد سبل عيش منتجي التمور في سقطرى، مشيرا إلى أن الأنواع الغازية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتنمية، حيث إنها تؤثر على البضائع المستوردة.
وسلط التقرير الضوء على تقرير أجراه موقع حلم أخضر خلال العام الجاري يتهم المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات بالتأثير على وكالة حماية البيئة الحكومية (EPA) في سقطرى بشكل متزايد.
وقال: “حتى الآن، لم ترد سوى تفاصيل قليلة من وكالة حماية البيئة بشأن المخاوف التي أعربت عنها اليونسكو، حيث أشارت لجنة المراجعة التابعة لها إلى أن التقرير لا يقدم أي معلومات للتأكد من الحالة العامة للموارد الطبيعية للممتلكات أو إدارتها”.
وبين أن هذا يشمل الأثر البيئي لمشاريع التنمية، وأن اليونسكو لا تزال تجادل بأن القيود الأمنية واللوجستية تمنع زيارات المراقبة لتقييم الوضع بشكل مباشر.
وقال التقرير إن الدورة الرابعة والأربعون المؤجلة للجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو تنظر هذا الشهر في قرار يمكن أن يفتح الباب أمام إدراج سقطرى على قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر.
وأفاد: ستطالب اللجنة بمعلومات أكثر بكثير مما تم تقديمه حتى الآن من وكالة حماية البيئة حول حجم التنمية في الجزيرة. ولكن كيف وصلت إلى النقطة التي بدت فيها إضافة سقطرى إلى القائمة مرجحة؟
مراقبة الصيد غير المشروع في مياه سقطرى
سلط التقرير على وسيلة أخرى تتضرر من خلالها سقطرى والتي تتمثل في الاستغلال غير المشروع لمواردها البحرية من قبل جهات خارجية.
وأوضح أن تقارير وردت عن عمليات صيد غير مشروعة في شمال غرب المحيط الهندي وفي محيط سقطرى خلال عامي 2019 و 2020.
واستندت هذه التحليلات إلى نظام التعرف الآلي للسفن (AIS). حيث تستخدم مجموعة بيانات جهود الصيد المعتمدة على نظام AIS من Global Fishing Watch لتوضيح سفن الصيد الأجنبية – لا سيما من إيران وكوريا الجنوبية – التي تدخل المنطقة البحرية العازلة حول أرخبيل سقطرى.
وأضاف: هذا يمثل تهديدًا واضحًا للحياة البحرية المتنوعة في سقطرى، والتي تشمل مئات الأنواع من المرجان والأسماك والقشريات، وسبل العيش المحلية التي تدعمها.