اللغة المهرية.. تراث لغوي عريق يصارع من أجل البقاء

قشن برس- خاص

يخشى نشطاء وباحثون، في محافظة المهرة شرقي اليمن من مخاطر كثيرة تهدد تراثهم اللغوي بالانقراض، مالم يسارعون في حمايتها وتجميعها وحفظها.

ومع حلول اليوم الدولي للغة الأم الذي يصادف 21 فبراير من كل عام، حذرت الأمم المتحدة من تعرّض التنوع اللغوي بشكل متزايد للتهديد مع ازدياد اندثار اللغات.

ووفق الموقع الرسمي لإحياء اليوم الدولي، تشير الإحصائيات إلى أن ما لا يقل عن 43% من اللغات المحكية حاليا في العالم والبالغ عددها 6,000 لغة معرّضة للاندثار. أما اللغات التي تُعطى لها بالفعل أهمية في نظام التعليم فلا يزيد عددها عن بضع مئات، ويقلّ المستخدم منها في العالم الرقمي عن 100 لغة.

والمهرية هي إحدى اللغات المهددة بالانقراض. موطنها جنوب شبه الجزيرة العربية حيث توجد خمس لغات أخري تصارع من أجل البقاء -كلهن من أسرة اللغات السامية الجنوبية الحديثة.

والمهرية هي أهم هذه اللغات السامية الست وأوسعها انتشاراً، حيث يتراوح عدد المتحدثين بها بين 100 ألف و 200 ألف شخص. والأمهرية، وهي لغة سامية يتحدثها الأثيوبيون، هي الأقرب إلى اللغة المهرية من العربية.

وتعيش قبائل المهرة في منطقة جغرافية ممتدة من موطنها الرئيسي في محافظة المهرة شرق اليمن إلى منطقة ظفار في غرب عمان وبعض مناطق بجنوب السعودية، والمهرية هي اللغة التي نشأوا عليها.

ومنذ أكثر من 10 سنوات أصدرت منظمة اليونسكو أطلس لغات العالم التي تواجه خطر الاندثار ومن بينها المهرية.

والقاسم المشترك بين كثير من اللغات المهددة بالانقراض هو أنه ليس لها أبحدية مكتوبة أي انها لغات محكية فقط.

المخاطر والتهديدات التي كادت أن تقضي على اللغة المهرية، دفعت بعدد من الباحثين والنشطاء المحليين من أبناء المحافظة نحو انشاء مركز دراسات يحفظ اللغة ويعمل على تجميعها وتدوينها.

وكان 2 أكتوبر 2017 موعداً لتأطير خطوات حفاظ أبناء المحافظة على لغتهم، حيث تم اعلان مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث بهدف الحفاظ عليها ومقارنتها بباقي اللغات، وإيجاد إصدارات متنوعة تثري المكتبات العامة.

وعمل المركز على إنشاء نظام كتابي للغة المهرية وتصميم لوحة مفاتيح (كيبورد) خاصة باللغة المهرية وأحرفها ليتم تثبيته على الحاسبات الالكترونية حتى يكون في متناول الجميع، بالإضافة إلى اصدار عدد من الكتب والدراسات التي تثري اللغة في مجالات الأدب والتاريخ وغيرها.

يقول الناشط الشبابي “سعيد عفري” إن اللغة المهرية تحتاج إلى التوثيق الدقيق خآصة المصطلحات الأصيلة التي قد لا يفهما اغلبية ابناء محافظة المهرة اليوم تحديداً جيل الشباب.

وأضاف في تصريح لـ “قشن برس” أن اللغة أيضا بحاجة إلى إقامة المزيد من الندوات وورش العمل إلى جانب إقامة مسابقات لغوية بالمهرية فيما بين الشباب، وتترأس اللجنة المنظمة بالمسابقة من كبار السن أو من ذوي القدرات العالية والخلفية الكاملة بمصطلحات وقواعد وافعال وضوابط اللغة المهرية..

وأشار إلى أن اللغة المهرية أصبحت مهددة من اللغة العربية في عديد الفعاليات كالقصائد والزوامل حيث أصبح عديد الشعراء يلجؤون إلى الشيلات والقصائد والزامل باللغة العربية وهذا يهدد بكل تأكيد رمزية ومكانةً اللغة المهرية التي تضررت كثيراً في هذا الجانب.

وأضاف ان الأهم من ذلك هو ضرورة وجود الاهتمام الحكومي على إطار الدولة والمحافظة إذ يستوجب القيام بأقصى الجهد حفاظاً على هذه التراث اللغوي العريق.

وأمس الإثنين قال المدير التنفيذي لمركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث الدكتور سعيد القميري، إنه تم إطلاق مشروع ميداني لحصر وتوثيق مفردات هذه اللغة.

وشدد القميري على أن اللغة المهرية تحتاج إلى وعي كبير من المجتمع للحفاظ عليها من الاندثار.

وأضاف “سنعمل بكل ما أوتينا من قوۃ وسنسخر جميع طاقاتنا العلمية والعملية للحفاظ على اللغة المهرية ودراستها والتعريف بها في جميع المحافل الوطنية والإقليمية والدولية”.

وأردف “نحن نعمل بوتيرۃ عالية جدا، وحاليا أطلقنا مشروعا ميدانيا لحصر وتوثيق مفردات اللغة المهرية المستخدمة في كل مديريات المحافظة، ناهيك عن إصدارات علمية جديدۃ للمركز”.

وتحدث بأن لدى المركز تواصل مع العديد من المؤسسات البحثية، لعمل شراكة بحثية مستقبلية معها.

وحول العراقيل التي تقف أمام عمل المركز أوضح القميري” لابد من وجودها؛ ولكن بفضل مساعدۃ السلطة المحلية لنا تجاوزنا العديد منها”.

وأشار إلى أن” اللغة المهرية تواجه مخاطر عديدة، والأشد منها هي قلة الوعي لدی متحدتيها؛ حيث تم التفريط ببعض مفرداتها واستبدالها بأخرى من مختلف اللغات، وكذلك استبدال بعض الأهازيج المهرية بالعربية في المناسبات الاجتماعية.

وحول مسألة إمكانية ربط اللغة بالمؤسسات التعليمية أفاد القميري “لابد من إنشاء بعض الكتب التدريسية الخاصة، وهذا لن يتأتی إلا بعد نجاح مشروع حصر مفردات اللغة المهرية لنكون قاعدۃ مفردات كبيرۃ نستفيد منها في إعداد الملازم والكتب المدرسية”.

 

 

اترك تعليقا