العنف الأسري ضد المرأة في المهرة..ضحايا وأرقام تخفيها العادات والتقاليد

قشن برس – تقرير خاص

يُسدل العالم الستار غداً الخميس 10 ديسمبر 2020 على فعاليات الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة التي انطلقت ابتداء من 25 نوفمبر الماضي لـ16 يومياً، بهدف التذكير بالمعاناة التي تعيشها المرأة في مختلف دول العالم، والدعوة لإنهاء العنف ضد النساء الذي تعدد أشكاله في اليمن.

وتواجه المرأة اليمنية أنواعاً مختلفة من العنف، ولعل حوادث القتل والتعذيب التي سُجلت خلال الحملة الدولية خير شاهد على واقع المرأة المأساوي، حيث توفيت “مروى البيتي” في المستشفى نتيجة حروق تسبب بها زوجها، وغير الكثير من القصص.

صحيح أن الموت والتعذيب جرم تواجهه المرأة، لكن هناك أشكال أخرى لايعترف المجتمع بأنه يرتكبها ضد النساء، فتُحرم المرأة من الميراث، وتُمنع من تسجيل مشاريع أو ممتلكات باسمها، وتُجبر على الزواج المبكر كما في القصة التالية التي رصدها هذا التقرير.

زواج ينهي حق التعليم

تسبب الزواج المبكر في حرمان “أم سهام”، (اسم مستعار)، من إكمال تعليمها، وهي اليوم تؤكد ندمها على ماحدث لها، بعد أن ضاعت أحلامها في مواصلة تعليمها.

تروي أم سهام قصتها لـ”قشن برس”، قائلة: بسبب الزواج المبكر اضطررت للتخلي عن حلمي في مواصلة  الدراسة حيث كنت أرغب أن أكون ممرضة..تمت خطبتي وأنا في الصف الأول الثانوي ولقرب الزواج أخبروني أهلي بأن عليّ أن اترك الدراسة، وأستعد للزواج؛ وما كان مني إلا الموافقة على طلب والديّ.

تتابع: “كنت أحلم أن أصبح ممرضة لرغبتي في خدمة مجتمعي، لكنني رضخت لضغط الأسرة وتخليت عن حلمي، وحدث هذا مع الكثير من البنات، حيث تنقطع الفتاة عن الدراسة عندما يأتي لها نصيب الزواج”.

كوّنت أم سهام أسرة، وتعيش بسعادة في منزلها، لكنها لازالت تعايش الوجع رغم مرور 7 سنوات منذ تزوجت وتركت مدرستها، تقول : “كثر شيء ندمت عليه هو عدم إكمالي للدراسة”.

يسعى المجتمع المدني وبعض الجهات الرسمية إلى التوعية بضرورة إنهاء العنف ضد المرأة، لكن تلك الحملات تظل مقتصرة على أنشطة محدودة لاتجدي نفعاً في أغلب الأحيان، خاصة حينما يحتاج الأمر تدخل الأجهزة الأمنية والقضائية لإنصاف المرأة.

عادات وظواهر

تتحدث مديرة إدارة تنمية المرأة بمديرية سيحوت في المهرة، أوسان باعباد عن خطة الإدارة لإطلاق حملات توعية حول العنف الأسري، وإقامة دورات وورش وندوات في هذا الشأن، رغم ما تشير إليه من “تحفظ المجتمع المهري في مثل هذه الأمور”.

وأضافت باعباد أن انتشار فيروس كوفيد19 تسبب بإيقاف الكثير من الأنشطة التي كانت إدارة تنمية المرأة تنوي إقامتها هذا العام.

وفيما يتعلق بالنظر للزواج المبكر في المهرة باعتباره أحد أنواع العنف قالت باعباد إن تزويج أي طرف سواء شابة أو شاب دون سن الـ18 يعتبر جريمة، مشيرة أن المرأة في المهرة بدأت تأخذ حقها في أكثر من مجال.

وتضيف: كان ينظر للمرأة المهرية بضرورة أن تظل ربة بيت، دون الخروج للعمل، لكن الآن بدأت تشارك  في مجالات اقتصادية وصحية وأمنية وتربوية وغيرها، كما يؤخذ برأيها في اختيار شريك حياتها، وفي حال تعرضت للعنف، يتم حل تلك القضايا بالطريقة القبلية والمجتمعية دون اللجوء للمحاكم.

وأشارت باعباد أن بعض الظواهر الدخيلة على المجتمع المهري بدأت تنتشر وتلقي بظلالها على الأسرة، خاصة المخدرات وبعض الظواهر السلبية التي تؤدي للتفكك الأسري، داعية المجتمع إلى نبذها والعمل معاً من أجل القضاء على كل ما يهدد تمساك المجتمع ويحافظ عليه خالياً من العادات السلبية.

وظلم ذوي القربى

قصة أخرى تخفيها العادات والتقاليد في المهرة، إذ تفضل المرأة عدم الحديث عما يحدث لها من عنف، حتى أن من تروي لنا قصتها طلبت الإشارة إلى اسمها بـ(م.س)، تجنباً لأي عنف قد ينتج عن حديثها لنا.

تطلّقت المرأة نتيجة تدخل أخيها في شؤونها الشخصية، لم يكتفِ الأخ بكل أشكال العنف النفسي واللفظي والجسدي الذي تسبب به لها قبل زواجها، واستمرار الأمر بعد الزواج، وصولاً إلى مرحلة الطلاق بل ومابعد ذلك.

يسأل الطفل أمه، لماذا يتعامل معك خالي بهذه القسوة؟!..تسكت الأم ولاترد سوى بالدموع، لتعطي طفلها درساً من دروس صبرها ونضالها، وتلك عادة في كل امرأة يمنية، إذ تنسى نفسها وتتناول عن الكثير من حقوقها حفاظاً على الروابط الأسرية.

تحكي راوية القصة لـ”قشن برس” قائلة: اشتكت (م.س) ذات مرة بأخيها للأمن بعد أن حاول ضربها، لكن القضية عادلت إلى الطريقة القبلية وتدخل فيها عاقل المنطقة، دون حلول جذرية تنهي معاناة المرأة مع أخيها.

عانت المرأة كثيراً بسبب العنف الذي واجهته من أخيها، لكن أصرّت على الانتصار، تكافح اليوم في إحدى المدارس معلمة براتب تقاعدي يوفر لها بعضاً من احتياجاتها مع طفلها الذي ألحقته بالمدرسة، لكن تلك القصة – تقول الراوية- تجعل من الأهمية ضرورة إقامة حملات توعية للرجال لإنهاء ذلك النوع من العنف.

اترك تعليقا