قشن برس – تقرير خاص
“تغيرت بعض ملامح ثديي، وكنت أحس بتغير ملمس الجلد، لكنني لم أقم بإجراء أي فحوصات، فأنا من منطقة بعيدة عن المستشفيات، واعتقدت أن الأمر مجرد مرض جلدي أو تحسس وسيشفى دون زيارة المراكز الصحية”.
الظروف الاقتصادية الصعبة والحالة الصحية وجعان اجتمعا عند “رضية” (اسم مستعار)، وهي أم لثلاث بنات وولد، تتعايش مع سرطان الثدي منذ حوالي 3 سنوات.
تعيش هذه الأم مع أسرتها في أحد بوادي مديرية المسيلة بمحافظة المهرة، تلك المنطقة التي لاتتوفر فيها مستشفيات أو مراكز صحية، وتغيب عنها حملات التوعية بهذا المرض.
اكتشاف متأخر للمرض
تقول (رضية)، لـ”قشن برس” وهي تتحدث عن المرض: بعد مرور الوقت أحسست أن الأعراض تزيد..أخبرت زوجي وقررنا السفر لمدينة سيحوت، أجرينا الفحوصات دون أن نعرف ما نوع المرض، وأخبرونا الأطباء بالانتقال إلى مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.
“توجهنا إلى المكلا، ودخلنا أحد المستشفيات..أجرينا الفحوصات، وبعد أن ظهرت النتائج أخبرونا بضرورة الرقود في المستشفى، وسيشرف الأطباء على حالتي للتأكد من المرض بشكل أكبر، تقول رضية”.
أضافت “بعد حوالي يوم أو يومين أخبروني أني أعاني من سرطان الثدي، وبأنه لابد من معالجته كوني تأخرت عن علاجه”.
تواصل رضية حديثها” بعد أسبوع من الرقود في المستشفى وتلقي العلاج، غادرت على أن أستمر في تناول الأدوية لفترة محددة، ثم الرجوع لتلقي العلاجات المناسبة لكل مرحلة”.
“رضية” تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة للغاية، فقد تأخرت بعض المرات عن موعد المراجعة الصحية عند الطبيب لنحو 17 يوماً، بسبب عدم توفر المال الذي يمكنها من زيارة المستشفى، وتتلقى أحياناً مساعدة من فاعلي الخير لتغطية تكاليف العلاج.
رضية مستمرة في تلقي العلاج ومراجعة المستشفى بمدينة المكلا، وتشهد حالتها تحسناً ملحوظاً.
معاناة رضية مع مرض سرطان الثدي، واحدة من كثير معانات مرضية تواجهها المرأة اليمنية في بلد يعاني قرابة ثلثي سكانه من صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.
تتحدث مشرفة قسم الأمومة في مستشفى سيحوت بمحافظة المهرة ، مريم سعيد، عن بعض أسباب الإصابة بسرطان الثدي، منها عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، واستخدام المعطرات بكثرة، إضافة أن عدم الرضاعة الصحيحة والمنتظمة، تؤدي إلى احتقان حليب الأم.
وتضيف مريم سعيد لـ”قشن برس” : أكثر المعاناة تكون عند النساء في الأرياف والقرى.. تعاني الكثير منهن من الاحتقان لعدة أسباب منها التأخر في العلاج، واستخدام علاجات عربية (شعبية).
وتشير إلى أن الإحصائيات الدقيقة غير متوفرة، وعدد الإصابات في مديرية سيحوت 8 حالات، لكنها ليست إحصائية شاملة.
وتبدي مريم أسفها لعدم وجود توعية شاملة حول سرطان الثدي، حيث لم تصل حملات التوعية إلى القرى بعد، متمنية النزول للأرياف لنشر التوعية والتثقيف الصحي والاستشارات بمساعدة مكتب الصحة في المحافظة.
وتشدد على أهمية وصول الفرق الصحية إلى القرى والأرياف لتقديم المشورة الصحية للمرأة حول المرض والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والتغذية الصحيحة وغيرها من القضايا التي تهم النساء في الريف.
وأكدت على ضرورة الإسهام المجتمعي والرسمي في الحد من انتشار المرض، موضحة أن الكثير من حالات الإصابة- مثل “رضية”- تصل للمراكز الصحية في وقت متأخر ما يزيد من معاناتهن.
أنشطة محدودة
تقول مديرة إدارة تنمية المرأة بمحافظة المهرة لبنى كلشات، تقول إن الإدارة تجهز لإطلاق حملة مصغرة تتضمن توزيع ملصقات ومنشورات للتوعية بأهمية إجراء النساء للفحوصات الدورية اللازمة لاكتشاف سرطان الثدي في وقت مبكر؛ وبالتالي زيادة نسبة الشفاء قبل تفاقم المرض.
وتضيف كلشات، في تصريحها لـ”قشن برس”، أن الجمعيات والمنظمات التي تعمل في المحافظة من أجل مساعدة النساء فيما يتعلق بسرطان الثدي تكاد تكون منعدمة.
وتوجه كلشات رسالتها للنساء قائلة: “إن تشخيص المرض في وقت مبكر هو الخطوة الأولى في العلاج؛ حيث يزيد كثيراً من إمكانية الشفاء منه في وقت قصير”.
وتتابع: معدلات الشفاء من سرطان الثدي تشهد تحسناً كبيراً. مواجهته والبدء بالتشخيص والعلاج في أسرع وقت، هو الخيار الصائب.
وناشدت كلشات الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية تقديم الدعم والمساعدة بتوفير الأدوية المتمثلة في العلاج الكيميائي والأجهزة اللازمة لزيادة القدرة على التعامل مع هذا المرض، وتقديم الدورات التدريبية التي يحتاجها الأطباء والممرضون لصقل خبراتهم في تشخيص المرض واكتشافه عن طريق الفحص السريري المعتاد.
وفي أكتوبر الوردي، يكثّف “قشن برس” من نشاطاته الإعلامية للتوعية بسرطان الثدي وطرق الوقاية منه، ويدعو النساء إلى إجراء الفحوصات في وقت مبكر، كما يطالب الجهات الحكومية بتوفير الإمكانيات للمستشفيات لتتمكن من تقديم الخدمة للنساء.