قشن برس- تقرير خاص
بدأ أبناء المهرة مؤخراً خطوات عملية من شانها إنقاذ لغتهم الأم من الانقراض، كونها هوية المجتمع وتاريخه العريق الممتد لآلاف السنين.
وظلّت اللغة المهرية معزولة عن اهتمامات الحكومات المتعاقبة في اليمن، لكن أبناءها ظلوا يتمسكون بها من خلال التحدث بها بشكل دائم وتعليمها للأجيال المتعاقبة.
حافظت الأجيال المهرية على لغتها بتقاليدها الشفهية في رواية القصص والشعر، تنقل للأطفال القصص القديمة والشعر التقليدي من أجل حفظها والتحدث بها حتى لا تضيع وسط اللغات الأخرى وينسى أبناؤها تراثهم العريق ولغة الآباء والأجداد.
تأسيس مركز اللغة المهرية
كان 2 أكتوبر 2017 موعداً لتأطير خطوات الحفاظ أبناء المحافظة على لغتهم، حيث أسس باحثون مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث بهدف الحفاظ عليها ومقارنتها بباقي اللغات، وإيجاد إصدارات متنوعة تثري المكتبات العامة.
عمل الباحثون، وفقاً لبيانات سابقة للمركز، على إنشاء نظام كتابي للغة المهرية وتصميم لوحة مفاتيح (كيبورد) خاصة باللغة المهرية وأحرفها ليتم تثبيته على الحاسبات الالكترونية حتى يكون في متناول الجميع.
لم تحظَ تلك الخطوات بأي تشجيع أو اهتمام من وزارة الثقافة، وفق تصريح المدير التنفيذي لمركز اللغة المهرية سعيد القميري لـ”قشن برس” الذي قال فيه إن الوزارة لاتتعامل بجدية مع التراث المهري ووجوب أن يكون في قائمة اهتماماتها كونها المسؤول الأول عنه.
وأضاف القميري أن الوزارة تقوم بزيارات تفقدية للمحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة ماعدا محافظة المهرة الآمنة والمستقرة حيث لم تحظَ بأي زيارة أو اهتمام.
وقال أن المركز سبق وأن نسّق مع الوزارة في ملف إدراج اللغتين المهرية والسقطرية ضمن قائمة التراث اللامادي للبشرية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لكن لم يجد المركز الاهتمام بهذا الموضوع.
ورفضت الجهات المختصة في وزارة الثقافة التي تواصل معها موقع “قشن برس” التعليق على تصريحات القميري.
لوحة مفاتيح الهاتف الجوال
ويعكف المركز حالياً على تصميم كيبورد للهواتف المحمولة على غرار لوحة المفاتيح التي سبق ذكرها سالفاً؛ وكذلك إصدار منشورات ودوريات وكتب يتبناها وينفذها والإعداد لورش عمل ومؤتمرات وندوات علمية محلية ودولية حيث يجرى الترتيب لها حالياً، إضافة إلى السعي لإصدار مجلة متخصصة في الأبحاث العلمية واللغوية والإنسانية وغيرها من الأفكار والرؤى التي سيقوم بتنفيذها المركز وسترى النور قريباً.
وفي 2 أكتوبر 2020 احتفل أبناء المهرة بالذكرى الرابعة لإنشاء مركز اللغة المهرية، وأعلنوا تحديد الموعد ذاته مناسبة سنوية للاحتفال بلغتهم.
وبمناسبة ذكرى الاحتفال بيوم اللغة أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة الكترونية غردوا فيها باللغة المهرية، ليؤكدوا تمسكهم بلغتهم الأم ومواصلة جهودهم الرامية للحفاظ عليها من الانقراض.
وأقام المركز بالمناسبة فعاليات وندوات حول اللغة المهرية وتاريخها، استعرض خلالها عدد من الباحثين دراساتهم ومؤلفاتهم حول اللغة المهرية وما تحتويه من ثراء لغوي وأدبي يحتم على الجميع التمسك بها وتحويلها إلى لغة مكتوبة تدرس للأجيال المتعاقبة.
تجاهل دولي للتراث المهري
رغم أن مساهمة المهرة ثقافيّاً وتاريخيّاً في التاريخ اليمني والعربي كبيرة، بحفاظها على لغتها الأصيلة منذ مئات السنين، إضافة إلى الموروث الثقافي والإنساني الزاخر، المتمثل في العادات والتقاليد، التي تميزت بها المهرة عن غيرها من محافظات اليمن، إلا أنها لم تجد أي اهتمام من الجهات المختصة أو المنظمات الدولية ذات الصلة.
ويطالب المهريون الحكومة، لا سيما وزارة الثقافة، والمنظمات الدولية ذات الصلة، بالاهتمام بهذا الموروث الحضاري.
ووفقا لحديث القميري لم تكن اللغة المهرية مهملة من قبل السلطات المختصة داخل البلاد فحسب، بل إن المنظمات الدولية بمن فيها (يونسكو) لم تبدي أي اهتمام باللغة المهرية.
وأضاف أن المركز لديه تواصل مع سفير بلادنا لدى المنظمة الدولية محمد جميح، حيث تم رفع بعض المشاريع للمنظمة وهناك وعود باعتماد بعضها لكن تنفذ حتى الآن.
وحول مشروع توثيق المفردات وحصرها الذي تم تدشينه تزامناً مع الاحتفال بيوم اللغة المهرية الذي يصادف الثاني من أكتوبر، أوضح القميري أن المشروع تم تدشينه رسمياً، وينتظر المركز تسمية فرق الحصر من قبل مدراء عموم المديريات.
وأفاد أن مركز اللغة المهرية يبحث عن جهة داعمة للمشروع، مالم سيموله حسب إمكانياته المحدودة.
وبيّن أن المركز يعتزم خلال الفترة المقبلة إعداد إصدارات خاصة، يتم اعتمادها في مدارس ومعاهد وكليات المحافظة، بصفتها مادة اختيارية من متطلبات الكليات والمدارس.