أم نجاد.. امرأة مهرية فرض عليها إعصار لبان حياة التشرد والنزوح

قشن برس- سعد محامد

قبل غروب الشمس، وقفت “أم نجاد” قرب خيمتها تنظر إلى السماء تنتظر وصول نجومها لتتحدث إليهم عن بحر من ذكريات المكان الذي فقدته بسبب كارثة إعصار “لبان” الذي ترك آلاف الأسر في محافظة المهرة تعاني وجع الشتات والنزوح.

ضرب إعصار “لبان” محافظة المهرة في 14 أكتوبر من العام 2018، وأدى إلى نزوح حوالي 3750 أسرة وفقاً للتقديرات الأممية والرسمية، وجاءت الغيضة وقشن وحصوين، ومنعر، والمسيلة في مقدمة المديريات الأكثر تضرراً.

في مديرية المسيلة وحدها 80 أسرة نازحة تعيش في مخيمات لا تقيهم حرارة الشمس أو قسوة البرد، ومنذ عامين وأم نجاد تأمل أن تنتهي مأساتها لتعود إلى حياتها الطبيعية ما قبل الإعصار، لكن الصعوبات لاتزال تحيط بها.

جاء موسم الأمطار لهذا العام، وأدركت الأم الأربعينية أن هناك ليلة ماطرة وسيولاً تنتظر المنطقة، سارعت نحو المخيم الذي تعيش فيه، لإدخال احتياجاتها الأساسية من مواد غذائية وغيرها لحفظها داخل المخيم خوفاً من غرقها.

تفقدت الأم أولادها الستة، فأكبرهم يبلغ من العمر 20 عاماً، ودخلوا إلى المخيم بعد أن حل الظلام وحلت معه بركات السماء، وجادت بالأمطار الغزيرة.

كانت الرياح قوية وعاصفة وصوت الرعد والبرق يستمر على منطقة رهديد حيث توجد مخيمات لأكثر من 80 أسرة تهدمت منازلها بسبب إعصار “لبان”.

فرضت اللحظات الماطرة والرياح العاصفة المصحوبة بالرعد والبرق على جميع أفراد عائلتها، اللجوء نحو الفراش والدفء بالبطانيات، ليعم الهدوء بعد أن نام الجميع هربا من الخوف الذي يذكرهم بالليالي التي خسروا فيها منزلهم.

كانت الأصوات تتصاعد من المخيمات، فزعت الأم من نومها لتسمع تحذيرات من مكبرات الصوت أن السيول ستغرق جميع المخيمات، وعلى الجميع مغادرة المكان..هرعت الأم نحو أولادها وزوجها المسن والمتعب، وخرج الجميع نحو مدرسة المنطقة التي لا يوجد بداخلها سوى بضعة فصول.

تزاحمت بالعائلات في الفصول المحدودة، كان بكاء الأطفال وأنين المرضى يعم المدرسة الصغيرة، أما الرجال فاضطروا للبقاء خارج الفصول لعدم وجود أماكن، فنحو 80 عائلة توزعوا على أقل من 14 فصلاً في المدرسة.

أجبرت الأمطار التي تضرب المحافظة منذُ شهر إبريل الماضي، الأسر النازحة على البقاء في المدرسة، وضاعف الفصل الجديد معاناة عائلة “أم نجاد” وكل الأسر المتضررة داخل المدرسة، بما في ذلك الوجبات الغذائية التي تناقصت حتى أصبحت وجبة واحدة في اليوم.

 

ومع بدء العام الدراسي الجديد تدخل الأم المكافحة فصلاً جديداً من التشرد والنزوح، ومن حين لآخر ترفع يديها إلى السماء وتستغيث بربها أن يفرج معاناتها وتحصل على منزل صغير يقيها حر الصيف وبرد الشتاء، فمنذ منذ عامين وهي تنتظر أن تصل إليها حملة “منزل” التي أطلقها عدد من أبناء المحافظة في 25 أكتوبر من العام 2018.

نجحت المبادرة – وفق مايقول أحد أعضاءها-  لولا العراقيل والتجاهل الذي أبدته الجهات الرسمية تجاهها، وانطلقت الحملة بعد مرور عشرة أيام على كارثة إعصار “لبان” واستطاعت أن تدفع بالتجار ورجال الأعمال والقبائل وغيرهم للتفاعل معها والتبرع لصالحها.

تمكّن منظمو الحملة بقيادة الشاعر صدام سعد كدة، وفق المصدر ذاته، من اقتناء حوالي 80 منزلا جاهزا من الصين. قالت السلطة المحلية حينذاك بأنها ستتكفل بتوفير كل المتطلبات واالخدمات التي يحتاجها تنفيذ المشروع. لم يحدث ذلك حتى اليوم.

اترك تعليقا