كشفت تحقيقات صحفية عن تفاصيل مروعة لاعتقال وتعذيب ممنهج تعرض له المواطن العُماني، محمد حمود السعيدي، على يد قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة عدن، بتاريخ 13 سبتمبر 2024، قبل أن يفرج عنه بعد أشهر في حادثة أثارت موجة غضب عارمة وسلطت الضوء مجددًا على دور الأطراف الخارجية وانتهاكات حقوق الإنسان في السجون السرية باليمن.
تفاصيل الحادثة: اختطاف وتعذيب ممنهج
وأفاد تحقيق استقصائي لـ«منصة أبناء عدن» الإخبارية، بأن قوات من «الحزام الأمني» التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي، اقتحمت مكان إقامة السعيدي في عدن دون إذن قضائي، واقتادته إلى مكان احتجاز سري.
ونُقل السعيدي بعد اختطافه مباشرة إلى سجن معسكر النصر، الذي يخضع لإدارة جلال الربيعي، حيث تعرض لاستجواب مكثف وتعذيب جسدي ونفسي لعدة أيام. ثم نُقل لاحقًا إلى معسكر بدر، الذي يشرف عليه أحمد حسن المرهبي، حيث استمر احتجازه وتعذيبه دون توجيه أي تهم رسمية إليه أو السماح له بالاتصال بمحامٍ أو بسفارة بلاده، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
تدخل إماراتي مباشر
الأمر الأكثر خطورة، وفقًا للمنصة، هو التورط المباشر لضباط إماراتيين في جلسات الاستجواب والتعذيب التي خضع لها السعيدي. هذا التدخل يسلط الضوء على حجم النفوذ الخارجي في إدارة الأمن الداخلي وانتهاك سيادة القانون في المحافظات الجنوبية، ويثير تساؤلات حول الدور المريب للإمارات في انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون والمعتقلات السرية باليمن.
جريمة بموجب القانون الدولي
يُصنف هذا الحادث، بحسب مراقبين قانونيين، كجريمة واضحة بموجب القانون الدولي والإنساني. فالاعتقال التعسفي والاحتجاز في أماكن غير معتمدة واستخدام التعذيب، تمثل انتهاكات جسيمة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب.
كما أن مشاركة ضباط إماراتيين في عمليات التحقيق على الأراضي اليمنية تشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات فيينا ومبدأ سيادة الدولة، وقد تندرج هذه الأفعال تحت طائلة «جرائم الحرب» أو «الجرائم ضد الإنسانية» إذا ما ثبت ارتباطها بنمط منهجي واسع.
ردود الفعل: غضب شعبي وحملة إلكترونية
وأطلقت الحادثة موجة غضب عارمة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشر وسم #تعذيب_عماني_في_سجون_عدن، بمشاركة من ناشطين ونشطاء يمنيين وعمانيين وعرب، طالبوا بمحاسبة المتورطين في الجريمة.
وقال الكاتب عادل الحسني، رئيس منتدى السلام لوقف الحرب بأن «قضية المواطن العُماني تكشف وجهاً من وجوه التحالف في اليمن… وأوضح بأن الشعب اليمني بريء من هذه الأفعال التي لا تمثل إلا العصابة التي نكّلت بنا وأهلنا»، مشيرًا إلى أن السعيدي «طُلب منه تحت التعذيب والتهديد أن ينشئ حسابات إعلامية للإساءة إلى بلده وسلطانه».
من جانبه قال الناشط صالح منصر اليافعي: «الإمارات حولت جنوب اليمن إلى سجن كبير… وممارساتها تشمل محاربة الشركات العُمانية وفرض جبايات على بضائعها، واعتقال وتعذيب مواطنيها».
كما وصف الناشط عبدالشافي النبهاني سجون عدن السرية بأنها «مؤسسات تعذيب أنشأتها الإمارات لترهيب الشعوب»، مؤكدًا أن ما تعرض له السعيدي دليل على أن «مشروع الإمارات في اليمن هو مشروع خراب».
من جانبه وصف الناشط سالم بن سعيد اليعربي المجلس الانتقالي بأنه «مجرد ذراع أمني لأبوظبي، ينفذ أوامر التعذيب والإخفاء القسري بلا رحمة».
وابدى الناشط عبدالله الحميري تعاطفه مع الضحية بقوله: «السعيدي دخل عدن زائراً وخرج منها جريح الروح والجسد… تحولت إلى ضحية تعذيب تحت سلطة أدوات أبوظبي».
صمت رسمي
وإلى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر أي تصريحات أو توضيحات رسمية من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي أو القوات الإماراتية حول هذه الاتهامات الخطيرة، مما يزيد من الغموض حول مصير المواطن العُماني ويُغذي مخاوف من استمرار إفلات الجناة من العقاب.