قشن برس- عفاف محمد
فرض انتشار فيروس كورونا تحدياً كبيرا للسلطات الصحية في محافظة المهرة، وجعل مواجهة الوباء يشبه المعضلة، في الوقت الذي عمقت فيه هذه الجائحة هموم وأوجاع السكان الذين يعيشون ظروفا إنسانية صعبة.
وتعتبر المهرة البوابة الشرقية لليمن، والرئة التي تمنح المواطنين أمل الحياة بدخول الأغذية والأدوية والاحتياجات الأخرى.
وسجّلت المهرة 15 حالة إصابة مؤكدة بكورونا منذ انتشار الفيروس ؛ منها 3 حالات وفاة وحالة تماثلت للشفاء.
وقد تم رصد نصف تلك الحالات في مدينة الغيضة عاصمة المحافظة، والتي أقرّت السلطات المحلية فيها حظراً جزئياً للتجوال منذ أسابيع.
وتعاني المحافظة من نقص حاد في الإمكانيات التي تواجه بها هذا الوباء، فيما أثرت إجراءات مكافحة الوباء على الواقع المعيشي للسكان.
وقال الناطق باسم لجنة الطوارئ الخاصة بمواجهة كورونا في المحافظة، محمد كلشات، لـ “قشن برس” إن السلطة المحلية تبذل جهوداً لتوفير أجهزة (PCR) المخصصة لفحص عينات فيروس كورونا.
وأضاف أن:” الجهات الصحية في المحافظة تضطر حالياً لإرسال العينات إلى محافظة حضرموت نتيجة عدم وجود أجهزة الفحص”.
وأشار إلى أن اللجنة تتابع الوضع الصحي، وستتخذ ما يلزم بشأن الخطة المستقبلية على ضوء آخر التطورات سواء بتخفيف الإجراءات أو تشديدها حال تسجيل زيادة في الإصابات.
وفي الوقت الذي أكد أن المهرة تعتمد بشكل أكثر على الدعم المحلي في المحافظة، شكا المسؤول الحكومي من قلة الإمكانيات، باعتبارها إحدى الصعوبات التي تعيق تقديم خدمة أفضل للمواطنين، داعياً الحكومة والمنظمات إلى الاهتمام بالمحافظة ، لما تشكله من أهمية لموقعها الحدودي والجغرافي وكذلك مساحتها الكبيرة.
وأشاد كلشات بتجاوب المواطنين مع خطة العمل التي أقرتها اللجنة، والإجراءات الاحترازية الصادرة عنها، خاصة ما يتعلق بحظر التجوال بعد تسجيل أول حالة مؤكدة بالمحافظة في أواخر شهر مايو الماضي.
.
أضرار اقتصادية
وكما تضررت دول العالم من الإجراءات الاحترازية التي أقرت للحد من تفشي الوباء، دفعت المهرة أيضاً ثمناً لتلك الإجراءات، خاصة أن معظم الحركة التجارية التي تصل اليمن من الخارج تمر عبر المحافظة.
وفي هذا السياق يقول “عبود هبود قمصيت” وهو رجل أعمال لـ”قشن برس”، إن مستوى دخول البضائع إلى المحافظة، خصوصاً من منفذ شحن، شهد تراجعاً بسبب فيروس كورونا.
وأضاف:” باعتباره المنفذ الوحيد للمهرة والعديد من المحافظات اليمنية، فقد استمر دخول الأدوية والمواد الغذائية وغيرها رغم تراجع مستوى الحركة بسبب الجائحة”.
وإلى جانب الإجراءات التي فرضها كورونا، يؤكد “هبود” وجود عرقلة من القوات السعودية المتواجدة في المنفذ تسببت في انتشار الجوع والمرض، وهذا مستنكر من اليمن بشكل عام والمهرة بشكل خاص، حسب قوله.
وأشار “قمصيت” إلى أن” التجار يواجهون صعوبات كثيرة منها ارتفاع تكاليف الجمارك التي يفرضها التحالف العربي بقيادة السعودية، ابتداء من المنفذ ثم منطقة “رماة”.
وتابع: “يستمر هذا التعقيد حيث نضطر لدفع جمارك في المهرة وحضرموت ثم مناطق الحوثيين”.
وتحدث بأن:” التجار ملتزمون بالإجراءات الاحترازية، فيما القاطرات تأتي من سلطنة عمان إلى السوق الحر، ويتم تبديل السائق من الشركة التي ستنقلها إلى منفذ شحن، على أن يخضع السائق للفحص كما تُفحص البضائع، وفق إجراءات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية”.
دور حيوي للمرأة في مواجهة كورونا
لم تستسلم المرأة في محافظة المهرة للتحديات التي أنتجها وباء كورونا، فهي لاتزال تقاوم الصعوبات وتستمر بأنشطتها اليومية؛ بل وتبادر لتقديم أدوار مجتمعية تخدم المواطنين في المحافظة.
تقول مدير عام الإدارة العامة لتنمية المرأة بالمحافظة، لبنى كلشات، إن” المرأة تحتاج لتقدير وضعها النفسي بسبب الضغوطات المضاعفة، ومدّ يد العون لها من داخل أسرتها أولاً، ومشاركتها في تحمل وتقاسم المسؤوليات المنزلية”.
وتضيف كلشات في حديثها لـ”قشن برس”: المرأة قبل وبعد كورونا تحتاج إلى إعادة النظر في وضعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وذلك بتلمس جوانب القصور التي تعيق الرفع من مستواها في كافة هذه المجالات وغيرها، وتضمين ذلك في خطط الحكومة”.
وتابعت:” المرأة في الواقع هي نصف المجتمع، ولكنها بأدوارها المهمة تعد بمثابة الوتد الساند لكل مجتمع”.
وتشير إلى النشاط الذي تقوم به المرأة من خلال حملات التوعية بكيفية الوقاية من كورونا، ومبادرة (معاً لنحاول) التي شاركت فيها 15 محافظة استهدفت الكادر الطبي والأمن والشخصيات المؤثرة، إلى جانب مختلف شرائح المجتمع.
وحول الأضرار التي لحقت بالمرأة في ظل انتشار فيروس كورونا توضح كلشات أن:” هناك ضرراً كبيراً حيث النساء مسؤولات عن إدارة منازلهن بشكل مباشر، وتضاعفت عليهن الضغوط والمسؤوليات بسبب الحجر المنزلي، وإغلاق المدارس، إلى جانب ضرورة الاهتمام بكبار السن، ومواجهة احتمال تزايد المرضى دخل الأسرة”.
وبسبب دورهن في أنشطة الرعاية الصحية داخل المنزل وخارجه، تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، حسب كلشات التي أفادت بأن الأزمة الكبيرة التي تعيشها المستشفيات بشكل عام تقلل من فرص تلبية احتياجات النساء الصحية من أدوية ولقاحات ورعاية أمومة وصحة إنجابية.
وتابعت: بالنسبة للمرأة العاملة هناك عوائق كثيرة فرضتها ظروف الجائحة وقرار الحظر منها ما يهدد الكثير من النساء بفقدان وظائفهن، كما أن بعض النساء لا يمتلكن وظائف رسمية والكثير منهن يعتمدن على أعمال لا تكسبهن أكثر من قوت يومهن، وقد طالهن الضرر الأكبر بسبب هذه الجائحة”.
إجراءات مؤثرة على حياة السكان
الإجراءات الاحترازية من كورونا في المهرة، كان لها تأثيرات على حياة السكان وأعمالهم وتنقلاتهم.
يقول المواطن عبدالودود الجدحي في تصريحات لـ” قشن برس” إن “الإجراءات الاحترازية أثّرت على الحياة اليومية خصوصاً في التنقل والتجارة، في الوقت الذي لم توفر السلطة بدائل أو حلول وتسهيلات للمواطنين”.
وأضاف: “الخدمات الصحية لا ترتقي للمستوى المطلوب، فيما هناك غياب لدور المواطن في مجال المبادرات المجتمعية، كون الجهات المعنية لم تكن في مستوى الحدث، حسب قوله”.
بدوره، يشكو المواطن “محمد سعد عفري” غياب الدور الرسمي لحماية حقوق السكان المتضررين.
وقال ل”قشن برس” “لم نلحظ شيئاً يدل على الاهتمام بالمواطنين في ظل هذه الجائحة.. تستطيع القول إنه عمل تنشيطي كبدائل، ولكن الإنسان هو من يستطيع أن يوفر لنفسه وعائلته ما يستلزم بقدر استطاعته، أما الإجراءات الصحية وتحمل المواطن لفترة الحجر الصحي فذلك من صحته وصحة عائلته ومجتمعه ككل(ضبط هذا يحتاج توضيح أكبر كي يكون مفهوم أكثر).
وتابع:” فرض حالة الحظر لم يكن كافياً، فالمهرة نفتقد لأبسط الإجراءات الأولية الطبية كالفحص واكتشاف الحالات وحصرها مع التواجد الهائل للوافدين من خارج المحافظة، وربما الأكثر يدخلون بطريقة أو بأخرى، وهذا ما سبب ظهور بعض الحالات التي تأكد أن مصدرها القادمون من خارج المحافظة.
وبالتزامن مع استمرار الأوجاع والأوبئة في اليمن، لا يظهر في الأفق الآن موعد انتهاء الجائحة، رغم تأرجح الإجراءات في عدة محافظات، لكن انهيار نحو 50% من المنشآت الصحية – وفق تقارير أممية- يجعل من الضروري البقاء في حالة استعداد قصوى سواء في المهرة أو المحافظات الأخرى.