اللغة السقطرية.. هوية “الأرخبيل” المهددة بالانقراض

قشن برس-عمر صالح

“دعطك  عن  داليقك، ال لاقد هاك ديشحالوف” مثالين عن اللغة السقطرىة الأول يعني “الطعام الذي ابتلعته أضمن لك من الطعام الذي لاتزال تمضغه”، والثاني “لا تعتمد على إي إنسان في عملية إيقاد النار”.

في “أرخبيل سقطرى” المطلة على المحيط الهندي وأحد محافظات اليمن يتحدث أبنائها بلغتهم الخاصة والقديمة فهي بالنسبة لهم تاريخ وهوية ثقافية رغم تعرضها للإهمال من قبل السلطات اليمنية خلال العقود الماضية.

ويمتد تاريخ اللغة السقطرية إلى آلاف السنين، فهي لغة قديمة وأصيلة من اللغات السامية لكنها تصنف اليوم من اللغات المهددة بالإنقراض لعدم وجود مراكز تعليم ودراسات خاصة، بالإضافة إلى انفتاح سكانها على العالم.

وما زالت اللغة تراث محفوظ بالذاكرة الشعبية لأبناء الأرخبيل بطريقة شفهية، لكن خبراء من أبناء المحافظة تحدثوا لـ “قشن برس” عن بعض العوامل التكنولوجية والجغرافية التي قد تضعها في مرمى التلاشي والإنقراض.

ويعتبر أبناؤها الدراسات التي تقول عن لغتهم إنها لهجة وليست لغة إساءة بالغة لتراثهم العريق، مؤكدين على أهمية أن يقوم أي باحث يحاول الكتابة عن اللغة السقطرية بزيارة إلى الأرخبيل وسماعها من مصدرها الأصلي والصحيح.

من اللغات الحميرية القديمة

يقول الباحث “صالح السقطري”، إنها من اللغات الجنوبية السامية، التي تنتمي إلى الحميرية القديمة.

وأفاد في تصريحات أدلى بها لموقع “قشن برس”، أنها تتكون من حروف اللغة العربية الـ 28 وتنفرد عنها بخمسة أحرف وبعض الأصوات الخاصة بها.

وحول علاقتها باللغة المهرية يؤكد “السقطري” أنها تتشابه معها في بعض الحروف الزائدة عن اللغة العربية والأصوات، بالإضافة إلى بعض الألفاظ والكلمات التي تحمل نفس اللفظ والمعنى و”بالفونيمات” وبمخارج أكثر الحروف والأصوات.

وأضاف: الباحث اليمني وهو أحد أبناء الأرخبيل المهتمين بتراثها اللغوي أن اللغة السقطرية تفتقر لمركز دراسات يحافظ على تاريخها العريق الذي يعتبر من أهم الهويات التي يتميز بها أبناء سقطرى.

وأشار من أهم التهديدات التي تواجهها اللغة السقطري، أنها من اللغات المنطوقة وليس لها شكل كتابي، أي أنها لم تدون وإنما تتوارثها الأجيال عن طريق السماع والحفظ كابر عن كابر.

واستدل “السقطري” بالمثل الذي يقول “كل علم ليس في قرطاس ضاع وكل سر جاوز الاثنين ضاع”، مشددا على أهمية تدوينها وإنقاذها من الضياع.

عوامل تهدد اللغة السقطرية

ورأى السقطري أن من العوامل التي تهدد اللغة السقطرية هو عدم وجود مراكز دراسات تهتم باللغة وتدونها وتحافظ على هوية أبنائها، بالإضافة إلى تدوين الشعر والقصص والعادات والتقاليد والألفاظ والمعاني ومفرداتها وأدبها وبلاغتها وأمثالها وحكمها.

وأشار إلى أن هناك عاملا آخر يهدد اللغة السقطرية وهو عدم وجود كيبورد خاص بها، لافتا إلى أن المجتمع السقطري يكتبونها على وسائل التواصل الاجتماعي ولكن بنقص بعض الأحرف فيستخدمون بعض حروف اللغة العربية القريبة لسد الفراغ.

واعتبر التطور والمدنية واستبدال بعض ألفاظها بأخرى عامة من العربية، وخاصة من قبل الجيل الجديد، وذلك أثناء التحية الصباحية والمسائية وبعض المناسبات العامة أحد العوامل التي تهددها بالانقراض.

وأوضح أن أبناء الأرخبيل لازالوا يتحدثون اللغة السقطرية، ولكن بلهجات ولكنات مختلفة.

وأضاف أن ذلك خير دليل على أنها لغة وليست لهجة، وأن اللغة السقطرية تتكون من فعل واسم وحرف كغيرها من لغات العالم.

من أقدم اللغات في العالم

من جانبه يرى الباحث في شؤون اللغة السقطرية “أحمد الرميلي” أنها من أقدم اللغات في العالم، وهي ثرية وغنية ويوجد فيها مميزات تختلف عن بقية اللغات.

ولفت إلى أنها تتميز بأصوات خاصة بها لا وجود لها في اللغات الأخرى، وخاصة اللغات المجاورة مثل العربية الفصحى والمهرية والشحرية، بالإضافة إلى أنها تنفرد بخمسة أحرف

وأكد أن اللغة السقطرية تحتاج إلى بحث وتجميع وتمحيص، مؤكدا في الوقت ذاته أنها تعرضت كثيرا للإهمال من أبناءها في المركز الأول ومن الباحثين الآخرين والمهتمين باللغات المختلفة على المستوى العربي والعالمي.

ولفت إلى أن محافظ المحافظة “رمزي محروس”، يبذل جهودا متواصلة لاستكمال جميع الإجراءات من الدولة لإنشاء مركز دراسات خاص باللغة السقطري، متمنيا في الوقت ذاته، أن يتحقق ذلك الحلم في القريب العاجل إلى حقيقة.

السقطرية لغة وليست لهجة

وتحدث الرميلي عن التساؤلات التي تقول هل هي لغة أم لهجة، لافتا إلى أن الكثير من الباحثين ومنهم الباحثين الكبار الذين بحثوا في اللغات السامية واللهجات المختلفة خاضوا كثيرا في الموضوع.

وأضاف: بعضهم أشار إلى أنها لهجة وبعضهم يعتقد أنها خليط من اللهجات وليست لغة، لكنه يعتقد أن هذا التوجه خاطئ بسبب أن هؤلاء لم يزر أحدهم سقطرى حتى يعرف هل هي لهجة أم لغة.

وتابع: لا يعرف هؤلاء الباحثون ماذا تعني اللغة السقطرية، مستدلا بالكثير من الدلائل على أن السقطرية لغة وليست لهجة.

وبين أن أول تلك الدلائل الواضحة والجلية أن السقطرية لا تنتمي إلى أي لغة أخرى حتى نستطيع أن نقول إنها لهجة من تلك اللغة، فلو جعلناها مثلا لهجة من العربية الفصحى يفترض من يتكلم اللغة العربية أن يفهم اللهجة لكن ذلك غير موجود.

وأفاد “الرميلي”: ومن الدلائل التي تؤكد أنها لغة وليست لهجة، وجود عدد من اللهجات داخلها وهذا تأكيد مهم على أنها لغة قرية باللهجات.

وأضاف: كما أن للغة السقطرية أدب وأشعار وثراء غير عادي، ولو نأخذ الشروط التي تنطبق على اللغة نجدها تماما في متطابقة مع اللغة السقطرية.

وحول مقولة إنها تفتقر إلى الكتابة أكد “الرميلي”، أن هذا لا يعني أنها ليست لغة، حتى اللغة العربية الفصحى كانت لغة غير مكتوبة.

وشاركنا الخبير “الرميلي” بفيديو تحدث فيه عن اللغة السقطرية وتاريخها العريق، ومصطلحاتها وبعض قواعدها التي تجعل منها لغة لها مميزاتها وخصائصها حسب تعبيره.

 

اترك تعليقا