سقطرى… الجزيرة الأسطورية حيث تلعب الرياح دور الحارس والتغذية

أحمد سعيد سليمان

في قلب المحيط الهندي، حيث حضن الأمواج الفيروزية، يقف أرخبيل سقطرى شامخاً مثل جوهرة طبيعية نادرة، على عكس أي بقعة أخرى في العالم. لكن ما يضيف إلى سحر هذه الجزيرة هو طقسها الرائع الذي يتغير مع الفصول كلوحة للخالق.

الرياح الموسمية: سيف ذو حدين

مع قدوم موسم الخريف، من منتصف يونيو إلى نهاية سبتمبر ومعظم دوراته خلال يوليو وأغسطس، تتحول سقطرى إلى مسرح لعرض طبيعي قوي، حيث تهب رياح الخريف الموسمية بقوة، وتحوّل الغلاف الجوي إلى مشهد درامي. هذه الرياح التي قد تبدو مخيفة للبعض هي في الواقع درع سقطرى المنيع! إنهم يعزلون الجزيرة عن الأخطار الخارجية ويجعلون الوصول صعبًا، وبالتالي يحافظون على بيئتها الفريدة من التعدي. يُخففون من الضغط البشري، وكأن الرياح تقول للعالم: “هذه الأرض مقدسة؛ لا تدنسوها. ”

وقف الصيد: احتراما لقوانين الطبيعة

الرياح الموسمية تفرض تقاليد عريقة على شعب سقطرى بالإضافة إلى دورها الحمائي الصيادون يتوقفون عن الإبحار في وجه الأمواج الهائجة ويتوجهون إلى الوديان الخضراء لزراعة النخيل وجني التمر. هذه ليست عادة اقتصادية فحسب، بل ثقافة موروثة توضح مدى انسجام الشعب السقطري مع إيقاعات الطبيعة.

الخريف موسم الذهب الأحمر وسقطرى 52 نوع من النخيل

خلال هذا الموسم، تحولت حياة سقطريس إلى مهرجان للعمل والفرح، حيث يتوجه الرجال والنساء إلى الوديان لجني ثمار النخيل، وصنع وتخزين الأطعمة التقليدية من التمور التي مرت منذ قرون. حتى الأطفال يشاركون في الحصاد، مشهد يعود إلى زمن التعاون والتكافل الاجتماعي.

سقطرى… حيث يصبح الطقس تراثًا

والغريب أن هذه الرياح العنيفة التي قد تعتبر كارثة في مكان آخر هي نعمة لسكان سقطرى. ينقّون الهواء، ويُلطّفون الجو، ويُجدّدون جمال الجزيرة الطبيعي. يذكرونهم أيضًا كل عام أن الطبيعة هي أمهم ومعلمتهم.

سقطرى في النهاية ليست مجرد جزيرة نائية؛ إنها قصة انسجام بين البشر والطبيعة، حيث تصبح الرياح حلفاء، والخريف موسم العمل والأمل، والتمور ذهب أحمر يربط الماضي بالحاضر. هل ستزور يوماً لتجربة هذه المعجزة لنفسك؟

 

 

 

اترك تعليقا