الشيخ عيسى سالم بن ياقوت…رمز العطاء الوطني والإنساني في سقطرى

قشن برس- خاص

في قلب المحيط الهندي، حيث تتراقص أمواج البحر حول أرخبيل سقطرى الساحر، يبرز اسم الشيخ عيسى سالم بن ياقوت كواحد من أبرز الرجال الذين كرسوا حياتهم لخدمة هذه الأرض وشعبها. لم يتجاوز الأربعين من عمره، لكن سيرته تحمل من العطاء ما يجعلها تسبق سنينه.

برز الشيخ عيسى كشخصية وطنية مؤثرة، حيث نال ثقة مشايخ وأهالي سقطرى ليصبح شيخ المشايخ في الأرخبيل. وعلى الرغم من صغر سنه، إلا أن مواقفه الوطنية وإخلاصه لوطنه جعلته نموذجاً يُحتذى به في الإنسانية والقيادة.

من العزلة إلى القيادة.. رحلة كفاح من أجل سقطرى

عاش الشيخ عيسى سنوات خارج سقطرى، متنقلاً بين المحافظات اليمنية والدول العربية، لكن قلبه ظل معلقاً بالجزيرة التي أنجبته. ورغم المحاولات المستمرة لإبعاده ومنعه من العودة، فإن إصراره على الدفاع عن أرضه جعله يتحدى كل التهديدات، ليعود إليها محاطاً بحب وتأييد شعبي واسع.

لم يكن تعليمه النظامي طويلاً، لكنه استطاع بتلقائيته الذاتية أن يكون خطيباً مفوهاً، وسياسياً حكيماً، وقائداً شجاعاً، يجمع بين الكرم والشهامة والوعي الوطني. زياراته الميدانية للمجتمعات المحلية، واستماعه لهموم الناس، ومساعدته للمحتاجين، جعلت منه رمزاً للعطاء في سقطرى.

سجل حافل بالإنجازات.. عطاء لا ينضب

يُعد الشيخ عيسى بن ياقوت أحد أكبر الداعمين للتنمية في سقطرى، حيث قدّم مساهمات مالية ضخمة لدعم التعليم، والبنية التحتية، والخدمات الصحية، والمساعدة الإنسانية. ومن أبرع إنجازاته:

– تبرع بـ **72 مليون ريال** لرواتب المعلمين في سقطرى.

– دعم بناء المدارس والطرق بملايين الريالات، منها **25 مليوناً** لإنشاء ديوان اجتماعات في منطقة مومي.

– مساعدة العالقين من أبناء سقطرى في محافظتي حضرموت والمهرة بتبرعات تجاوزت **10 ملايين ريال**.

– دعم الرياضة والأنشطة الثقافية، حيث قدّم مليون ريال لنادي الشرق الفائز ببطولة كرة القدم.

– توفير سكن وعلاج للمرضى، ودعم الطلاب والمراكز الصحية في مختلف مناطق الجزيرة.

الوفاء للأرض.. رسالة لا تنتهي

يقول الشيخ عيسى عن سقطرى: *”يكفي أنها أنجبتنا، فهي أمنا التي نبرها وأبونا الذي نوقره، وواجبنا أن نكافئها بكل ما نملك”*. هذه الكلمات تعكس فلسفته في الحياة، حيث يرى أن الدفاع عن الوطن ليس خياراً، بل واجباً مقدساً.

ورغم الحملات المضادة التي تعرض لها، فإن مواقفه الثابتة في رفض التقسيم ورفض التدخلات الخارجية أكسبته احتراماً واسعاً. فلم يكتفِ بالحديث عن حب سقطرى، بل حوَّل كلماته إلى أفعال ملموسة، جعلت منه أيقونة للعطاء في اليمن.

ختاماً.. إرث يُخلد

الشيخ عيسى بن ياقوت ليس مجرد شيخ قبلي، بل هو نموذج للقائد الذي يجمع بين الحكمة والكرم والالتزام الوطني. سقطرى لن تنسى عطاءه، والتاريخ سيسجل اسمه بين الرجال الذين ضربوا أروع الأمثلة في حب الوطن وخدمة الشعب.

فكما قال الشاعر:

*”يميناً لنعم السيدان وجدتُما .. على كل حال من سحيل ومبرم”*

فالشيخ عيسى بن ياقوت هو أحد أولئك الرجال الذين صنعوا مجدهم بإخلاصهم، وسيبقى اسمه خالداً في ذاكرة سقطرى واليمن.

اترك تعليقا